الدورة الثانية السنة الثالثة 1420هـ - 1421هـ

الخطاب السامي لخادم الحرمين الشريفين:

"بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى أصحابه الغر الميامين.

أيها الأخوة الكرام:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فإنه ليسعدنا اليوم أن نفتتح على بركة الله أعمال السنة الثالثة لمجلس الشورى في دورته الثانية وندعو الله عز وجل أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم وأن يوفق المجلس لمواصلة مسيرته على الوجه الذي يرضى عنه الله في خدمة العقيدة وفي مصلحة البلاد والعباد.

إنني مغتبط اليوم بوجودي مثل كل عام في مجلس الشورى بعد أن نال ولله الحمد موقعه اللائق بين المؤسسات الوطنية المعنية بأمور التنمية في البلاد وبعد أن حظي بمزيد من التقدير في المحافل السياسية والإعلامية المنصفة في جميع أنحاء العالم، وهذا كله بفضل من الله تعالى ثم بما يقدمه الرجال المخلصون من إسهام في نهضة بلادهم، ولا سيما في مجال التنظيم للفعاليات المختلفة في مجتمعهم.

لقد حقق مجلسكم هذا منجزات طيبة وفعالة خلال السنوات الست الماضية من عمره المديد إن شاء الله في ما يتعلق بالأنظمة واللوائح والاتفاقيات التي درسها وفيما يبديه من المشورة المخلصة التي هيأت لاتخاذ العديد من القرارات التي عادت وستعود على بلادنا بالخير الكثير إن شاء الله.

ولقد كان لتعديل المادة الثالثة من نظام المجلس في دورته الثانية بزيادة عدد أعضائه إلى تسعين عضواً فائدة لا تخفى على أحد، فقد جاء ذلك متوائماً مع دواعي اتساع المسؤوليات التنموية في البلاد وحاجتها للخبرات والتخصصات المتنوعة بين الأعضاء وقد أدى ذلك إلى إثراء فكر المجلس ودعم ما يتخذ من قرارات.

ولقد أثبتت تجربة الشورى في بلادنا جدواها ولله الحمد فجاءت متصفة بالعدل والصدق، والإخلاص لما فيه خير الأمة، وهي إلى جانب كونها نابعة من شريعتنا الإسلامية الغراء فقد حققت لبلادنا ما كنا جميعاً نصبوا إليه من الرأي السديد، والمشورة المخلصة، والقرارات الحكيمة، البعيدة عن الأهواء والمزايدات المشاحنات، والمخاصمات، التي لا فائدة تجنى من ورائها.

وإننا اليوم اشد فخراً بما وصلت إليه بلادنا في تجربة مسيرة الشورى واعتزازاً بسلامة دروبها دون تقليد أو محاكاة.

فلقد كنا بفضل الله ثم بفضل حكمة الملك عبدالعزيز – رحمة الله – وبعد نظره من أوائل الدول التي أخذت بمنهاج الشورى الإسلامية وطبقته بكل صوره حتى صارت دول عديدة تستجلي تطبيقاتنا وتسعى للتعرف على مراميها ومعانيها وآثارها.

إنني أجدد هنا تقدير الدولة لما يتم في مجلسكم من منجزات محسوسة وفعالة، أدعو الله سبحانه وتعالى أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى، وأن يأخذ بيد كل مخلص إلى ما فيه الخير والسداد.

أيها الأخوة:

لقد جاء لقاؤنا هذا العام مع مناسبة دخول دولتكم في قرن جديد منذ بدء تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز – رحمه الله – قبل مائة عام وهي مناسبة نستذكر فيها بكل اعزز وتقدير جهوده المباركة في توحيد هذه البلاد وبنائها واستقرارها وإن ذلك لن يتحقق إلا بفضل الله ثم التمسك بشريعته والأخذ بها عقيدة، وعملاً ولا يسعنا إلا أن نحمد الله عز وجل على ما أسبغ على بلادنا من نعمة الأمن والرخاء الاقتصادي والاجتماعي حتى بلغت مكانة نغبط عليها في الأمن والاستقرار والازدهار.

أيها الأخوة:

إن من أقرب الحديث إلى نفسي – كما تعلمون – الحديث عن الشأن الداخلي في بلادنا، وللشأن الداخلي في بلادنا أساسان هما:

أولاً: المواطن الذي جعلنا مصلحته نصب أعيننا دائماً في كل ما تتخذه الدولة من إجراءات أو تصرفات.

ثانياً: موارد البلاد واقتصادها – فهذه الموارد هي التي تعين الدولة على الوفاء بالتزاماتها، وعلى تحقيق طموحاتها تجاه مواطنيها.

لعلكم تدركون ما انتاب الاقتصاد العالمي في السنوات الأخيرة من تحديات فضلاُ عما تعرض ويتعرض له من صعوبات فقد تعرضت سوق البترول على وجه الخصوص كما تعلمون لاضطراب شديد في الأسعار الأمر الذي أثر على الإيرادات وهذا أمر لم يقتصر على بلدنا وحدها بل لقد عم جميع الدول البترولية.

وقد عملت المملكة، ضمن استراتيجيتها المعروفة في هذا الصدد، على السعي، داخل منظمة الأوبك وخارجها، لإعادة التوازن إلى سوق البترول وقد أكدنا دائماً حرص المملكة وعزمها التام على بذل كل ما تستطيع بالتعاون مع بقية - الأطرف – للقضاء على أسباب الخلل في السوق البترولية والعودة بها إلى حالة التوازن التي تحقق مصلحة المنتجين والمستهلكين على حد سواء. وقد كان للجهود التي بذلتها المملكة بالغ الأثر في ما آلت إليه السوق البترولية مؤخراً من أوضاع تبعث على التفاؤل إن شاء الله.

وفي الشأن الاقتصادي لا بد أن أشير أيضاً إلى ما قدمه ويقدمه القطاع الخاص في بلادنا من جهود ظاهرة في سبيل تحقيق أهداف التنمية الشاملة، وتنمية القوى العاملة الوطنية، وإرساء قاعدة اقتصادية صلبة، فلقد اثبت القطاع الخاص انه قادر على التعامل مع المستجدات الاقتصادية، وهذا هو المأمول دائماً إن شاء الله.

وقد لاحظتم انه لثقة الدولة في قدرات القطاع الخاص وخبرته وإمكانياته فقد شرعت منذ سنتين في الإعداد لتطبيق فكرة التخصيص ليتولى القطاع الخاص دوره في إدارة بعض المرافق الخدمية الكبيرة مثل الاتصالات.

وللاستمرار في هذا التوجه، وفي إعطاء القطاع الخاص دوراً أكبر في إدارة وتشغيل بعض المرافق المهمة فقد قامت الدولة بإصدار قرارها بإسناد جميع أعمال تشغيل وصيانة وإدارة الأرصفة والمعدات التابعة للموانئ إلى القطاع الخاص بأسلوب التأجير.

كما قامت الدولة بإعادة تنظيم قطاع الكهرباء وشمل ذلك تأسيس شركة مساهمة للكهرباء على مستوى المملكة وهي الشركة السعودية للكهرباء حيث دمجت بها جميع شركات الكهرباء المحلية العاملة، وكذلك مشاريع الكهرباء التابعة للمؤسسة العامة للكهرباء. وينص القرار الصادر في هذا الخصوص على تمكين القطاع الخاص من التنافس في إنشاء وإدارة مشاريع الطاقة الكهربائية في المملكة.

كما قامت الدولة بمنح عدد من شركات الإسمنت وغيرها في عدد من مناطق المملكة امتيازات تحجير من شأنها أن تسهم في رفع فعاليات تلك الشركات وإثرائها، وهذا كله إنما يعود على القطاع الخاص وعلى بلادنا – إن شاء الله – بالخير والوفاء.

أيها الأخوة:

إن ثروات بلادكم كثيرة ولله الحمد، وقد شهت بلادنا في هذا العام افتتاح حقول بترولية جديدة مثل حقل الشيبة، كما منحت شركة التعدين العربية السعودية – معادن – امتياز تعدين لاستغلال خام الذهب وخام الفضة المصاحب له.

إن المملكة ماضية بإذن الله في سبيل الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية إذ أننا ندرك التحولات الأساسية في الاقتصاد العالمي وفي آلياته، ونحن لابد أن نتعامل مع الواقع الجديد الذي يعيشه المجتمع البشري فنحن جزء منه، وبما لا يتعارض مع معتقداتنا أو مع المصالح الواضحة لبلادنا ومواطنينا.

ونحن في كل الأحوال نشدد على ضرورة المضي نحو تكامل اقتصادي عربي في عصر تتنامى فيه التكتلات الاقتصادية في مختلف أنحاء العالم، والعمل على تيسير ما يعزز هذا العمل وذلك بدعمه وتشجيعه.

وان ما وجدته الدولة منسجماً مع مصالحها، ولا يتناقض مع ما نؤمن به ونعتقده تشجيع الاستثمار الأجنبي في البلاد ونقل التقنية فالمجال مفتوح للمؤسسات والشركات الكبرى في العالم للاستثمار في المجالات الصناعية في المملكة مستندين في ذلك على مبدأ الاستقرار والاستمرار والإنتاج المتواصل مما يحقق الفائدة الدائمة للطرفين، وإلى زيادة مواردنا المالية التي تمكننا من تحقيق الرفاه المطلوب لمواطنينا.

أيها الأخوة:

تعلمون أن بلادكم مقبلة على الخطة الخمسية السابعة التي ستعلن بعد ستة أشهر - بإذن الله – وقد سبق لمجلس الوزراء أن تدارس مع مجلس الشورى المبادئ العامة لهذه الخطة التي نأمل أن تأتي محققة لآمالنا وطموحاتنا وأن تعالج بواقعية معوقات التنمية الاجتماعية والاقتصادية الشاملة وأن وجد حلولاً عملية لقضايا التعليم والتوظيف بشكل خاص وقضية توطين العمالة بشكل أخص.

وإن الحكومة ماضية في برنامجها المتعلق بتنويع مصادر الدخل الحكومي وإيجاد مصادر رديفة تخفف من الاعتماد شبه الكلي على البترول الذي شهدت أسواقه العالمية في - السنوات الماضية – كما تعلمون تذبذباً يميل إلى التراجع في الأسعار لكن المملكة وبتوفيق من الله نجحت في العمل على تحسين أوضاعه في الأشهر الماضية والمملكة ماضية في سياستها الرامية إلى التعاون مع الدول الصديقة المنتجة والمصدرة للحفاظ على استقرار السوق وتماسك الأسعار دون التراجع عن الحصول على حصة عادلة للمملكة.

إننا نحمد الله على متانة الاقتصاد السعودي رغم الهزات والمتغيرات المحيطة بنا وما زال التفاؤل والحيطة توجه مسارنا حتى نجنب مكتسبات الوطن أي انعكاسات سلبية محتملة.

إنني لست بصدد حصر كل ما قامت به الدولة أو تنوي القيام به من أجل التغلب على التحديات الاقتصادية الراهنة والمستقبلية ولكن أردت فقط أن أذكر بعض الأمثلة التي من شأنها أن تؤكد للجميع أن مما يشغل دولتكم هو أن يستطيع الإنسان السعودي مواصلة مسيرته في البناء والتشييد من أجل تحقيق الرفاهية المطلوبة له وللأجيال القادمة، تلك الأجيال التي تقع على عاتقنا جميعاً مسؤولية رسم المستقبل الأفضل لها بتوفيق الله وعونه.

إننا ملتزمون أمام مواطنينا بأن نوصل إليهم في مختلف مناطقهم مختلف الخدمات. وقد وجهنا ونوجه جميع المسئولين في الحكومة بضرورة الوقوف على احتياجات ومتطلبات المواطنين في جميع المناطق والمحافظات والمراكز، فالرغبة الدائبة لنا ولكافة المسئولين في هذه الدولة هي الوصول بتلك المناطق إلى أعلى مدارج التقدم والازدهار.

إننا ملتزمون أمام الشباب على وجه الخصوص بتأمين فرص العمل لهم في القطاع الحكومي وفي القطاع الخاص، ولهذا فقد أكدنا دائماً على تدريب الشباب وإعادة تأهيلهم بإعطائهم دورات متخصصة عن طريق مختلف الوزارات والقطاعات الحكومية ذات الصلة وكذلك المؤسسات والشركات الأهلية والغرف الصناعية والتجارية وغيرها. كما وجهنا دائماً بتشجيع الشباب على الالتحاق بالتخصصات التي تتفق مع حاجات التنمية والمجتمع ولقد جاء إنشاء وزارة جديدة للخدمة المدنية لتكن أداة فاعلة لرفع كفاءة الأداء في الوظيفة العامة، وتطوير الخدمة المدنية، وإعادة تنظيم الفرص الوظيفية.

وهنا نعود فنؤكد على دور القطاع الخاص في الإسهام في استيعاب الخريجين من الشباب، فالعناية باستيعاب الخريجين هي مسئولية وطنية نجزم بأن القطاع الأهلي يدرك أهميتها ويدرك شرف الالتزام بها مشيرين بارتياح إلى مجمل الإجراءات والندوات والمؤتمرات والحملات التي قامت بها الأجهزة الحكومية مؤخراً لتشجيع إحلال السعوديين في الوظائف العامة والأهلية.

إن من سياسات الدولة التوسع في مجال إعداد الأجيال وتهيئتهم لخدمة بلادهم، وأول ما يتحقق هذا الأمر عن طريق التعليم، فنحن ماضون في التوسع في مجال التعليم والاهتمام به انطلاقا من قناعتنا بأن أبناء هذا الوطن هم الركيزة الأساس لنموها الاقتصادي والاجتماعي، وان المتتبع لمسيرة التعليم يلحظ تسارع الخطى والمتغيرات في معدلات النمو المتحققة للتعليم العالي، وأنه مما أسعدنا غاية السعادة ما تحقق في العام المنصرم من إضافة صرح جديد إلى بناء التعليم العالي في بلادنا وهو ما تمثل في دمج فرعي جامعة الملك سعود وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في أبها وإطلاق أسم الملك خالد بن عبدالعزيز – رحمه الله – إلى الجامعة الوليدة.

إن ما تحقق لبلادنا من نهضة شاملة في المجالات التعليمية والصحية والصناعية والزراعية وقطاع المواصلات والاتصالات وتحلية المياه وبناء العشرات من السدود وغيرها ما كان ليتم لولا توفيق الله عز وجل ثم العمل ليل نهار بسواعد أبناء الوطن الذين أعدتهم الدولة عن طريق البناء السليم والاستثمار الأمثل لقدراتهم وإمكاناتهم. ونود أن نشير بكثير من الاهتمام إلى الخطوط العريضة التي وضعت للمحافظة على المياه وترشيد - استهلاكها – وكانت ثمرة تعاون مجلس الوزراء ومجلس الشورى خلال العام المنصرم مؤكدين في الوقت نفسه على أهمية دور المواطن والمقيم في تنفيذ تلك الأهداف سواء في مجال مياه الشرب أو مياه الشرب أو مياه الري والزراعي.

وإننا لنعلم جميعاً أن تحقيق كل تلك المنجزات لا يمثل كل ماهو مطلوب من كمواطنين تجاهها، بل إن علينا أيضاً الحفاظ الأمثل على تلك المنجزات والمكتسبات وذلك من حيث العناية بها وحمايتها من العبث مهما كان نوعه وإن مسؤولية أمن تلك المنجزات هي مسؤولية كل مقيم وجد من أهل هذه البلاد الترحيب والإكرام وواجب الاحترام.

أيها الأخوة:

إن بلادنا – بحكم موقعها المميز في محيطها العربي الإسلامي – تدرك المسؤوليات الملقاة على عاتقها تجاه محيطها، كما تدرك الدور الكبير الذي ينتظر أن تلعبه دائماً تجاه القضايا والمشكلات التي تواجه أمتها، فهي لم تغفل قط عن هذه الحقيقة، بل أنها ما برحت تجعلها دائماً نصب عينيها في كل ما تقوله أو تفعله. ولهذا فقد ظلت سياستها في هذا المضمار سياسة ثابتة وراسخة، وهي تعتمد على التشاور المستمر مع أشقائها وأصدقائها في العالم حول الظروف الراهنة والمستجدة، ويتم ذلك عبر لفاءاتنا المتواصلة مع قادة العالم وزعمائه، سواء من يجيء منهم إلى بلادنا أو من التفاهم سمو ولي العهد أخي الأمير/ عبدالله بن عبدالعزيز في جولاته الدولية الموفقة.

وإن أهم ما يتم بحثه مع الزعماء العرب السبل الكفيلة بتدعيم وتعزيز مسيرة التضامن العربي ومن ثم الحرص على لم الشمل العربي، وتفعيل فكرة العمل العربي المشترك، والحفاظ على مصالح الأمة العليا.

ولقد أكدنا للأخوة الفلسطينيين في لفاءاتنا معهم موقف المملكة الثابت مع الشعب الفلسطيني في قضيته العادلة، مشددين على ضرورة أن يطبق الجانب الإسرائيلي قرارات الشرعية الدولية. حتى تتحقق إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.وقد اعتبرنا أن قرار الأمم المتحدة في العام المنصرم يرفع مستوى التمثيل الفلسطيني في المنظمة الدولية إنجازاً مهماً على الطريق الصحيح نحو الإقرار للدولة الفلسطينية كعضو له كامل العضوية في الأمم المتحدة.

ولقد أبدينا دائماً قلقنا تجاه المسيرة لعملية السلام في المنطقة، ودعينا دائماً إلى تحريكها وفقاً لما اتفق عليه في مدريد وأوسلو وواشنطن، وهي الاتفاقات المبنية على قرارات مجلس الأمن 242 و 338 و 425 ومبدأ الأرض مقابل السلام. وكل ذلك يعني أيضاً ضرورة استئناف المفاوضات على المسارين السوري واللبناني. وقد دعونا دائماً المجتمع الدولي ومنه راعيا عملية السلام، وعلى وجه الخصوص الولايات المتحدة الأمريكية، إلى بذل أقصى الجهود لدفع عملية السلام وإلى العمل بكل قوة للحد من الغطرسة الإسرائيلية المؤدية دائماً إلى تعنت مقيت لم يكن من شأنه غير الإنذار المستمر بانهيار مشروع السلام بكامله.

ففي القوت الذي كان العالم ينتظر فيه من الإسرائيليين أن يدعموا جهود السلام، وان يغتنموا الظروف المواتية لذلك وفق ما كانوا يتظاهرون به دائماً لدى الرأي العام العالمي، فقد ظهروا على خلاف ذلك إذ ظلوا يضعون العراقيل تلو العراقيل من أجل إحباط كل ما يبذل من جهود، هذا فضلاً عن المدنيين والأطفال والنساء والشيوخ. وهم لم يتورعوا قط عن توجيه التهديدات إلى لبنان بخاصة البقاع الغربي ومنطقة الشريط الحدودي المحتل.

لقد ناشدنا دائماً المجتمع الدولي للعمل على إيقاف العبث الإسرائيلي في مدينة القدس، وشددنا على ضرورة الإبقاء على الوضع القانوني والديموغرافي للمدينة، لأن تغيير الهوية أو توسيع حدود المدينة، وتوسيع سلطات بلديتها، لن ينفي أو يلغي بأي حال حق العرب والمسلمين في المدينة المقدسة، بل إن ذلك التغيير باطل، وهو يتناقض مع قرارات الشرعية الدولية، ويعتبر خرقاً لأسس السلام في الشرق الأوسط بل انه يعتبر تهديداً للأمن والسلام الدوليين.

أيها الأخوة:

ومن نافلة القول أن نؤكد أن المملكة تدعم مسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وهيئة الأمم المتحدة وكل ما يضمن تنفيذ القرارات الدولية ويخدم العدل والسلام ويحقق الأمن والرخاء والاستقرار لجميع شعوب العالم.

وان العالم الإسلامي قد حفل خلال العام المنصرم بتحديات واضحة للسلام الذي ننشده، فمن الموقف المتوتر بين الهند وباكستان، وإلى النزاع بين بعض الدول الإسلامية. إن هذه البؤر الساخنة والمنذرة بدفع المزيد من قدرات الأمة إلى المخاطر كانت تثير قلقنا في المملكة، وقد ظلت بلادنا تدعو إلى ضبط النفس وإلى الحوار والتفاهم، وتحكيم العقل، وتغليب المصلحة، ومراعاة حقوق الجوار، والروابط المشتركة. وان مما يهمنا كثيراً تعزيز الاستقرار في منطقتنا وأن تحل دائماً جميع المشكلات بالطرق السلمية على أساس من العدل والمصداقية.

إن سياسة بلادنا واضحة في هذا المجال فالمملكة تعمل بالطرق المباشرة أو من خلال دورها في جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، على تمتين وحدة الصف العربي والإسلامي وتعزيز أواصر الأخوة وتوطيد دعائم الأمن والاستقرار في الدول العربية والإسلامية معاً.

إن تحقيق السلام في منطقتنا أمر يهمنا كما قلنا سابقاً لأنه يحقق الرفاه لشعوبنا وان السلام في كل بقعة من بقاع هذا العالم هو أيضاً أمر يهمنا ويعيننا، لأنه من وجهة نظر إنسانية بحته سيضمن للأبرياء من شعوب الأرض الأمن والاستقرار الضروريين لأي عيش كريم. ولهذا فقد ظل موقف المملكة العربية السعودية الثابت والمعروف هو الدعوة إلى السلام في كل مكان، وهذا يستدعي بالضرورة الدعوة إلى حظر انتشار أسلحة الدمار الشامل بما في ذلك الأسلحة النووية. وفي هذا الاتجاه فإن الجميع يتذكرون بأننا أبدينا قلقنا حيال التفجيرات النووية واعتبرنا ذلك أمراً يؤثر سلباً على الأمن والاستقرار الدوليين وعلى الجهود الرامية إلى إيجاد مناطق خالية من الأسلحة النووية، فضلاً عن كون ذلك يمثل خطراً وتهديداً لكافة الدول المجاورة.

أيها الأخوة:

إن مأساة شعب كوسوفا المسلم لم تغب عن بالنا في هذه البلاد ونحن نعتبر أن ما يحدث هناك هو واحد من الامتحانات الشديدة التي تمر بها أمتنا المسلمة. وقد سبق هذا الامتحان بقليل امتحان المسلمين الأبرياء في البوسنة.

إن ما قام به الصرب هو اعتداء صريح، وعمل وحشي بكل المقاييس، وإلا فأية صفة أخرى يمكن لها أن تطابق واقع ما جرى هناك من قتل وتشريد وتهجير وتطهير عرقي؟

وقبل التدخل العسكري الأخير للناتو كنا قد دعونا المجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات حاسمة لوقف المجازر والأعمال الإجرائية والإرهابية التي تمارسها القوات الصربية في إقليم كوسوفا ضد المدنيين والأبرياء.

وفي هذا الوقت الذي يعود فيه الأمن إلى إقليم كوسوفو نرجو أن يعود المشردون إلى ديارهم وأن يتحقق لشعب كوسوفو أهدافه وأمانيه في ظل الأمن والسلام ومحاسبة المعتدين عليه.

أيها الأخوة:

إن النزاعات، ومناطق التوتر في العالم الإسلامي ليست مع الأسف الشديد – الأمر الوحيد - الذي يعرقل مسيرة الأمة ويشتت جهودها ويزعزع استقرارها، فنحن لا بد أن ندرك الخطر المحتم المتجسد في ما نقرأه ونسمعه من العمليات الإرهابية التي تتم في بعض البلدان تحت أغطية زائفة وشعارات غير صادقة، إن المملكة أكدت وتؤكد مواقفها المبدئية والثابتة التي تدين الإرهاب بكل أشكاله وصوره وتنزه الإسلام والمسلمين المخلصين المؤمنين عن مثل تلك الأفعال والممارسات المشينة. ولقد سعدنا بما توصل إليه وزراء الداخلية والعدل العرب في مؤتمرهم الذي عقد مؤخراً في القاهرة، إذ تم التوقيع على الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب بصيغتها النهائية فهذه الاتفاقية ستعزز إن شاء الله التعاون بين الدول العربية لمكافحة الإرهاب بكل صوره وأشكاله.

ولابد من تظافر كل الجهود للقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة وأنا لا أعني هنا الأجهزة الأمنية وحدها، بل إنني أعني جميع المؤسسات التي لها علاقة بتنمية وعي الناس وبترسيخ مسؤولياتهم الدينية والوطنية لأن قتل الأبرياء وترويع الآمنين أمر يرفضه ديننا الحنيف ويدحضه الفكر القويم وتنكره الأخلاق الحميدة في جميع الحضارات الإنسانية.

أيها الأخوة:

إن الأجواء ليست دائماً على هذا المستوى من القتامة، ففي الوقت الذي تهدد فيه منطقتنا والمناطق المحيطة بعض المخاطر أو التحديات هناك إنجازات لا بد من الوقوف عندها لأنها تستحق الإطراء.

فعندما فكرت دول الخليج الست في تنظيم علاقات التفاهم والتعاون بينها جاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية ثمرة يانعة من ثمار ذلك التفكير. فلقد حقق المجلس خلال السنوات الماضية من عمره منجزات طيبة انعكست مردوداتها الإيجابية على بلدان وشعوب المنطقة، فضلاً عن أنها كرست أواصر الروابط الأخوية والتنموية بين شعوبه، وإننا نتطلع إلى تحقيق المزيد من المنجزات لهذا البناء الراسخ.

ولعلكم تابعتم مؤخراً ما تم من تطورات إيجابية فيما يتعلق بالعلاقات السعودية – الإيرانية - ما تم التوصل إليه من تطوير لتلك العلاقات لما فيه مصلحة الطرفين ولما فيه مصلحة الخليج والعالمين العربي والإسلامي.

فإيران تربطنا بها رابطة الدين ورابطة الجوار، فضلاً عن مصالح مشتركة بينة للجميع. ونحن على ثقة أن المسئولين في البلدين سيواصلون ما بدؤوه من خطوات خيرة مبنية على الثقة المتبادلة والاحترام الراسخ. وهذا كله سينعكس على مستوى أوسع ليشمل العلاقات الخليجية – الإيرانية وأبعد من ذلك العلاقات العربية – الإيرانية في مختلف فعالياتها إن شاء الله.

ولا بد أن نضيف هنا التطورات الإيجابية التي حدثت لقضية لوكربي. فلقد وفق الله المملكة العربية السعودية وجمهورية جنوب إفريقيا إلى الوصول لصيغة اتفاق عادلة أزاحت عن ليبيا الشقيقة عبثاً ثقيلاً دام لسنوات، وما تم التوصل إليه في هذا الصدد هو أساس للنظر العادل المنصف في هذه القضية، ونحن هنا لا بد أن نشكر كل أطراف هذه القضية على ما أبدوه عن تفهم وتعاون يتوخى العدل والإنصاف.

إن كل جهد تبذله بلادنا من أجل أمتها هو واجب محتم تفرضه عليها مسؤولياتها الدينية والتاريخية والحضارية.

ونحن ندرك أن هناك مشكلات محلية وإقليمية ما زالت عالقة وهي تحتاج إلى بعض الوقت لمزيد من الحوار وتبادل وجهات النظر، وإننا لندعو الله عز وجل أن يأخذ بيد كل مخلص إلى ما فيه خير هذه الأمة وسدادها.

كما ندعوه سبحانه وتعالى أن يحفظ هذه البلاد وبلاد المسلمين كافة من كل سوء.

أيها الأخوة:

نود بمناسبة هذا اللقاء السنوي أن نؤكد اعتزازنا بشباب هذا الوطن، رجالاً ونساء، وسيظل هاجس التعليم والتدريب والتوظيف من أهم ما يشغل بال الحكومة، تتعهدهم بالرعاية والتربية والتوجيه وتوفير الحياة الكريمة لهم والمسلحة بالدين والعلم والأخلاق، فالقوة البشرية المؤهلة هي الركيزة الأساسية في التنمية الوطنية، وإننا نأمل أن تتظافر كل الجهود لتذليل المعوقات والعقبات التي قد تحول دون إتمام هذه الأهداف والتطلعات.

ونود مجدداً أن نذكر بأهمية مجالس المناطق في جهود التنمية المحلية – فهي الاعرف باحتياجات كل منطقة وأولوياتها وهي قنوات مهمة للاتصال والمشاركة، ونقل هموم المواطنين ورغباتهم وملاحظاتهم، ومن الضروري تفعيل وظائفها على الوجه المأمول الذي يحقق خدمة الوطن العزيز.

ففي الختام نتوجه بالتقدير لمعالي رئيس مجلس ونائبه والأمين العام وجميع أعضاء المجلس ومنسوبيه كافة، على جهودهم الطيبة، ونرجو لهم دوام التوفيق والسداد ونسأل الله أن يوفق المجلس إلى أداء واجباته بما يحقق مصلحة الوطن والمواطنين.

كما نبتهل إلى الله العلي القدير، أن يديم علينا نعمه ظاهره وباطنه، إنه نعم المولى ونعم النصير.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".

كلمة رئيس مجلس الشورى معالي الشيخ محمد بن إبراهيم بن جبير

"بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله وأصلي وأسلم على الرحمة المهداة سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين.

خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز.

صاحب السمو الملكي الأمير/ عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني.

صاحب السمو الملكي الأمير/ سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام.

أصحاب السمو الملكي الأمراء.

أصحاب الفضيلة العلماء.

أيها الحفل الكريم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إن لقاءنا بكم يا خادم الحرمين الشريفين في هذا اليوم المبارك لهو الشرف لنا وأي شرف، ولهد الدعم الواضح لهذا المجلس الذي وجد دائماً منكم كل التشجيع وكل المؤازرة، في مسيرته الحثيثة للاضطلاع بالمسؤوليات التي وكلتموها إليه ولأداء الأمانة التي يشرف بحملها.

وإنني بإسمي شخصياً وباسم زملائي أعضاء مجلس الشورى وجميع منسوبيه أرحب بكم يا خادم الحريم الشريفين، كما أرحب بجميع ضيوفنا من صحبكم الكرام، من الأمراء والعلماء والوزراء والمسئولين والإعلاميين، وكل من أسعدنا بحضوره في هذه المناسبة الكبرى.

خادم الحرمين الشريفين:

بهذا اللقاء يدخل مجلس الشورى عامه الخامس والسبعين منذ أن أصدر المؤسس الراحل جلالة الملك عبدالعزيز – رحمه الله – نظامه الأول، كما يدخل عامه السابع منذ بدأ عمله بموجب نظامه الجديد الذي صدر به أمركم الكريم. ولقد أثبت سير العمل في الأعوام الستة الماضية أن الفكر الذي بذل في إعداد الأنظمة الأربعة: النظام الأساسي للحكم ونظام مجلس الشورى ونظام مجلس الوزراء ونظام المناطق، قد حقق الغايات النبيلة التي قصدها مقامكم الكريم من حيث الانسجام وقيام كل سلطة بواجباتها في خدمة البلاد على هدي من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

لقد اعتدنا في هذه المناسبة السعيدة من كل عام أن نلتقي بولي أمرنا ننهل من حكمته، ونرتوي من معين آرائه وتوجيهاته، فنحن أحوج ما نكون إلى ذلك، بل إننا نعد اللقاء بكم يا خادم الحرمين الشريفين إشعاعاً ساطعاً يضيء أمامنا طريقنا لخدمة وطننا العزيز في ما يحب الله ويرضى.

إننا ندرك معنى الرسالة التي تحملتها بلادنا، مهبطاً للوحي، وموئلاً دائماً لصفاء العقيدة ونقائها، وإننا نعلم حجم الدور الملقى على عواتق أهل هذه الأرض انسجاماً مع الإرث الذي احتضنوه في جوانحهم، فهم أهل القرآن، وهم البناة الأوائل لحضارة الإسلام، تلك الحضارة التي قامت على العدل، ونهضت على مبدأ احترام حقوق الإنسان، وعدم المساس بكرامته، وصيانة دمه وماله وعرضه، هذا منهجه، ومن الجهة الأخرى فإن بلادنا تحس بأنها معنية بما يدور حولها وبما يجري في مختلف أقطار الأرض، ولا سيما في كل ما له علاقة بأمن وسلامة، فما نحن إلا دعاة سلم وسلام، نريد لإنسان هذا الكون مزيداً من الاطمئنان، والرخاء، والرفاه.

إن بلادنا في ظل قيادتكم الحكيمة، ما انفكت تحتفظ بصفحتها الناصعة في علاقتها المتوازنة مع بقية أجزاء الأرض على اختلاف حضاراتها وثقافاتها، فقد عرفت دولتنا – في تاريخها الطويل – باحترام الآخرين، وبعدم التدخل في شئونهم الداخلية، وبالعمل الدائم على إبراز ما في حضارة الإسلام من قيم نبيلة، ومبادئ سامية، فهي الحضارة التي تبني فلا ينسجم معها أي أفكار أو تصرفات يكون هدفها الهدم، أو التقويض، أو إلحاق بالمنجزات الإنسانية، ذات الغايات التي تعود على البشرية بالرفاهية والكرامة والخير.

إن الإنسان السعودي يجسد في فكره وسلوكه قيم الحضارة الإسلامية البناءة هذه، هو اليوم ولله الحمد محط أنظار العالم ومكان إكباره، فهو – داخل بلاده – يتفوق دائماً على الصعوبات التي تواجهه فيحقق المثال المعجز في مجال التنمية على مختلف مستوياتها وهو – خارج بلاده – يجسد النموذج الأمثل للرقي الحقيقي لبلادنا ولتطورها، فهو المتحلي بالعلم، المدجج بالمعرفة، المسلح بالخبرة، فقد تيسر له أن يلتحق بأرقي الجامعات، وأن يطل على أسمى منافذ المعرفة، وأن يخوض أنجح التجارب في الإدارة والتخطيط والإنجاز والمال والأعمال وإقامة المشروعات الكبرى ذات الرساميل الضخمة، وهذا كله إنما تهيأ بفضل الله أولاً، ثم بفضل ما وفرته الدولة من أوجه الاهتمام ببناء الإنسان السعودي الذي ظل دائماً هدفاً واضحاً وبيناً لخطط التنمية وبرامجها، فأعد الإعداد للازم لمواجهة التحديات التي صادفته أو تعرضته في مشواره الحافل في ميدان النماء والبناء.

خادم الحرمين الشريفين:

إننا في هذا المجلس – لنعبر أن التجربة الشورية ذاتها واحد من أوجه وفاء قادتنا لواجب الدين والعقيدة التي ألزمت ولي الأمر بالممارسة الشورية، إذ قال عز وجل: (وشاورهم في الأمر) الآية، ومثل هذا الالتزام الذي رسخه المغفور له الملك عبدالعزيز، منذ أن تحقق له بتوفيق الله هدف الوحدة، ليس بمستغرب على قاداتنا وولاة أمرنا من آل سعود الأكارم، فهم المخلصون لعقيدتهم، الغيورون على دينهم، ولهذا فقد ظل تطبيق الشريعة السمجاء هدفاً أصيلا في منظمة أهدافهم، وهذا الهدف لم يكن فقط طريقةً للتفكير، بل هو فوق ذلك، منهج ينظم شئون الحياة كلها. ولهذا فإننا نعتبر أن تجربتنا في الإدارة هي إحدى التجارب الناجحة القيمة بالرصد والملاحظة، فهي من التجارب الفريدة في عالمنا اليوم، من حيث كونها ظلت أبداً مخلصة لقواعد الشريعة الإسلامية وتعاليمها السمحة، فهي تهتدي بها، وتلتزم بثوابتها، ولا تتناقض مع أي من مبادئها: ليس في مجال القضاء الشرعي والفصل في قضايا الناس أو تنمية البلاد، وهذا هو ما يلخص حدود خصوصيتنا الثقافية ومفهومها. وهي الخصوصية التي لن نفرط في شيء منها إن شاء الله.

فلعل من المتوجب على كل مواطن أن يضع هذا الأمر نصب عينيه في كل ما يقول وما يفعل، ويتذكر دائماً أن دولته قائمة على تمسكها بمنهجها السليم وبخصوصيتها المتفردة، فنحن نعيش هذه الأيام الذكرى المئوية لتأسيس مملكتنا الفتية، ونحن ندين للمؤسس العظيم الملك عبدالعزيز – غفر الله له – بهذا الإنجاز الباهر، وندين له كذلك بما وضعه من قواعد راسخة للالتزام بالنهج الذي اختاره الله لنا ولبلادنا، وهو نهج التوحيد وطريق الشريعة الغراء.

خادم الحرمين الشريفين:

إن سنتنا هذه هي السنة الثالثة من الدورة الثانية للمجلس، وقد بذل أبناؤكم من أعضائه ومنسوبيه، في الأمانة العامة والإدارات الأخرى المساندة كل ما يستطيعون من الجهد لإنجاز الأعمال والمهمات الموكلة إليهم، وأوكد لكم – حفظكم الله - أن الذي يحدوهم في كل ذلك هو الإخلاص لله عز وجل ثم لقيادتهم الرشيدة التي مكّنتهم من فرص الإسهام في خدمة بلادهم، وهذا هو أعلى مراتب الشرف الذي يتوقعون إليه.

إنني أنتهز هذه الفرصة لأوجه الشكر الجزيل لهم على تعاونهم وتفانيهم، ولأدعوهم إلى مزيد من العطاء.

خادم الحرمين الشريفين:

أرحب بكم مرة أخرى، وأوكد لكم من جديد مدى الغبطة التي أشعر بها وأنا وزملائي لتواجدكم اليوم بيننا قائداً ومرشداً مجهاً حفظكم الله، وسدد بالخير خطابكم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".