الكلمة السامية التي ألقاها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – أمام أعضاء مجلس الشورى في حفل افتتاح أعمال الدورة الخامسة من السنة الأولى.

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبيه ورسوله محمد الأمين.

أيها الأخوة أعضاء مجلس الشورى:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

باسم الله ، وعلى بركة الله ، نفتتح أعمال السنة الأولى ، من الدورة الخامسة للمجلس ، سائلين الله – جل جلاله – أن يسدد جهودكم ، ويلهمكم الرأي والمشورة. وانتهز هذه الفرصة لأشكر أخي معالي الدكتور / صالح بن عبدالله بن حميد ، على ما بذله من جهد خلال رئاسته للمجلس ، مرحباً في نفس الوقت بمعالي الأخ الدكتور/ عبدالله بن محمد آل الشيخ.

أيها الإخوة الكرام ...

إن التحديات التي تواجه أمتكم سواء على صعيد الوطن ، أو الأمة العربية والإسلامية تفرض علينا جميعاً يقظة لا غفلة معها ، وصلابة لا تقبل الضعف ، وصبراً لا يخالجه اليأس ، وقبل ذلك كله إيمان بالله لا قنوط معه ، وكل ذلك يستدعي منا مسؤولية مضاعفة لمواجهة التحديات التي يأخذ بعضها برقاب بعض ، فمن عدوان إسرائيلي عبث بالأرض فساداً ، إلى خلاف فلسطيني بين الأشقاء هو الأخطر على قضيتنا العادلة من عدوان إسرائيل ، يوازيه خلاف عربي وإٍسلامي يسرُ العدو ، ويؤلم الصديق ، وفوق هذا كله طموحات عالمية وإقليمية ، لكل منها أهدافه المشبوهة.

أيها الإخوة الكرام :

وفي هذا الجو الملبد بالسواد ، ترى الشعوب العربية مصيرها مهدداً من الآخر ، وشعرت بأن آمالها مبعثرة ومستقبلها مظلم. لكن الأمة المؤمنة لا تيأس من روح الله ، فمن عمق المعاناة والجراح استذكرت تاريخها الحافل بالانتصارات ، فانتصرت على يأسها، وانطلقت من سفح الواقع المرير إلى قمة التحدي ، متجاوزة ذاتها ، ساعية إلى جمع الشمل ، وتوحيد الصف والكلمة ، وسوف نستمر – بإذن الله – حتى يزول كل خلاف، مدركين بأن الانتصار لا يتحقق لأمة تحارب نفسها ، وأن العالم لا يحترم إلا القوي الصابر ، وإننا لأقوياء بالله صابرين متوكلين عليه – جل جلاله - .

أيها الإخوة الكرام :

لقد كان من نعم الله على دولتكم أن قامت بدورها في هذه الانتفاضة المباركة على الشقاق والهوان ، ويعلم الله بأننا كنا في كل خطوة اتخذناها نضع نصب أعيننا شعبنا العريق ، مدركين إيمانه العميق بربه ، وتمسكه بعروبته ، وحرصه الشديد على وحدة أمته العربية والإٍسلامية وعزتها ، فالحمد لله الذي هدى ويسر ، ثم الشكر للشعب الذي أيد وساند.


أيها الإخوة الكرام :

وخلال تلك الأجواء الصعبة ، هبت علينا رياح أزمة مالية عاتية ، لم يكن لنا يد في صنعها ، ولكن آثارها امتدت لتهدد العالم كله ، وكان لا بد لنا من أن نتصدى لها بحزم وأن نعالجها بحكمة ، واستطعنا بفضل الله تجنيب الوطن أسوأ عواقبها ، ولا نزال نراقب الموقف بحذر ويقظة. ولا شك أن بلادكم تشارك مع بقية دول العالم الرئيسية في إيجاد الحلول لهذه الأزمة وخاصة دورها في مجموعة العشرين. وفي غضون هذا كله كان لا بد لمسيرة التطوير أن تواصل انطلاقها في الوطن الغالي ، وكان لا بد من قرارات تدفع بعجلة التطور ، وضرورة التعامل مع المتغيرات ، لما فيه رفعة الوطن ، وتحقيق كل أسباب الحياة الكريمة للمواطن.

هذا سبيلنا ، وهذا نهجنا ، وسوف نمضي بحول الله وقوته ، مستلهمين منه – عز وجل – القوة والعزم ، عاملين بلا كلل ولا ملل لصناعة الغد السعودي المشرق بالرفاه ، المزدهر بالمحبة والتسامح ، الفخور بعقيدته وإيمانه.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،