مجلس الشورى عام 1370هـ

"بسم الله الرحمن الرحيم

من عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل

إلى جناب المكرم الابن فيصل                                                                   سلمه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...وبعد:

لقد تلقينا كتاباً من مجلس الشورى برقم 720 في 27/12/1369هـ، مرفق به تقرير المجلس عن الأعمال التي أنجزها خلال السنة الماضية.

ونحن إذ نقدر للمجلس المشار إليه مساعيه الطيبة في أداء المهمة الملقاة على عاتقه، ونشكره على الجهود التي بذلها في هذا السبيل، وعلى ما أبداه أعضاؤه من حرص على أداء واجبهم. نأمر بهذا تمديد مدتهم سنة كاملة ابتداء من غرة سنة 1370هـ الحالية.

فينبغي إبلاغ المجلس ذلك.

نسأل الله التوفيق والسداد للجميع،                               والسلام".

بعد ذلك ألقى عضو مجلس الشورى الشيخ أحمد الغزاوي كلمة باسم المجلس، ونصها:

"بسم الله الرحمن الرحيم

يا صاحب السمو المعظم:

يتوجه المجلس في مطلع دورته الجديدة المباركة – إن شاء الله – بحمد الله تعالى على ما أسبغه على هذه الأمة من نعم لا تحصى، ويشكره جل وعلا، شكراً يليق بآلائه ويستدعي المزيد من رضوانه ونعمائه.

ويرفع إلى حضرة صاحب الجلالة مولانا الملك المفدى أصدق الولاء، ويدعو الله تعالى أن يحفظه، ويطيل في حياته ويمده بنصره، ويرعاه بعنايته، ويؤيده بتوفيقه.

يا سمو الأمير المحبوب:

لقد تلقى المجلس المرسوم الملكي الكريم بتمديد دورته الحالية بعظيم الإجلال والاغتباط، وإنه لحريص بعون الله تعالى ومشيئته كل الحرص على أن يكون محلا لهذه الثقة الغالية. وأن يتاح له من الفرص ويتهيأ له من التوفيق ما يحقق به مراميها السامية، وغاياتها الصحيحة.

وإننا لنعلم حق العلم أن جلالته – حفظه الله – لا يهمه قبل كل شيء إلا تقدم هذ الشعب ورخاؤه ورفاهيته وهناؤه. وأن لا تدخر جميع السلطات أي مجهود في هذا السبيل – وأن الوسيلة الأولى – للظفر بعطفه وامتنانه لن تكون إلا بالعمل المثمر والسعي الحثيث في توفير جميع الأسباب للوصول إلى هذه الأهداف العليا. وما هو أبعد منها وأسمى إن شاء الله تعالى في ظل جلالته الوارف.

وبذلك وحده استطاع المجلس في دوراته السابقة أن يحظى بالرعاية الملكية، وأن يمارس صلاحياته في أوسع الحدود، وأدناها إلى الغرض المنشود بما ناله ويناله من تأييد جلالته، وتشجيع سموكم، ومعاونة أصحاب الشأن المسئولين.

إن من واجب هذا المجلس المتشرف برئاسة سموكم أن يشير إلى أن موسم الحركة الجدية لأكثر المشروعات يتأخر كثيراً عن الوقت الملائم فلا يبدأ حتى يكون موسم الحج قد أزف – وهو لذلك يرجو أن تعلم جميع الدوائر المتخصصة وذات العلاقة منها بالحج والحجاج أنه لا يعفيها من مسؤولية التأخير ما اعتادت أن تدلي به من شتى المعاذير، وفي الوقت أمامها متسع لمباشرة الأعمال خلال أشهر الشتاء والربيع.

وسيكون من أهم ما يستفتح به المجلس دورته الجديدة بعون الله تعالى معالجة كل موضوع يحال إليه، ويتصل بالمصالح العامة وفي مقدمة ذلك توسيع نطاق النشاط الإداري والإصلاح الداخلي. وتحقيق ما لابد منه من المشروعات العمرانية وكل ما من شأنه أن يخطو بالبلاد خطوات واسعة إلى الأمام، كما سيدرس طائفة من الموضوعات الهامة المتعلقة بشئون الحج والحجاج، وتوفير وسائل النقل والمواصلات، وتأمين ما تدعو إليه الحاجة من منشئات وتشكيلات. ولاسيما في الحقل الصحي والمائي، وسواهما من مختلف المصالح والإدارات.

وإن المجلس لينوه في كثير من الفخر والارتياح بما تتمتع به حكومة جلالة الملك من مقام مرموق ومكانة محترمة في جميع الأوساط الدولية والإسلامية، وبين الأقطار العربية الشقيقة، ويشيد بما قامت به أثناء العام الماضي من أعمال ومشروعات ذات أهمية بالغة ومن ذلك افتتاح الميناء الجديدة في جدة، وزيادة عرض الخط المسفلت الثاني بين مكة، وجدة، وجعله صالحاً للمرور ذهاباً، وإياباً دون خطر، وإنشاء محطة الإذاعة السعودية، وتطور برامجها في طريق التوسع والتحسين، وإتمام السد الضخم ليدفع غائلة السيول العرمة عن مناطق العمران في قلب العاصمة، وما بوشر فيه من إيصال الماء من عين (حنين)، وبناء القنوات، ومد المواسير اللازمة لذلك من (الشرائع)، وما تم الانتفاع به من تعميم الإضاءة الكهربائية في كل من جدة، والطائف، واشتراك الوفد التجاري السعودي في المؤتمر الاقتصادي في الباكستان، ومساهمته في معالجة الشؤون الاقتصادية، وعرض إمكانيات المملكة في هذا المجال. وانتداب الوفد الصحفي إليها للوقوف على ما بلغته من رقي مضطرد، ولتوثيق الصلات الأخوية، والروابط الإسلامية معها، وما بذلته الحكومة من مجهودات مشكورة تحت رعاية حضرة صاحب السمو الملكي مولانا ولي العهد المعظم، ورعاية سموكم، وسهر سمو شبلكم الأمير عبد الله المحبوب لإتمام الوفود مناسكهم في راحة واطمئنان بقدر الإمكان، وسلامة الحجاج من كل مرض، أو وباء بفضل الله تعالى، واكتمال عودتهم إلى أوطانهم مشمولين بعناية الله ورحمته وغفرانه. وما ابتعثته الحكومة من بعثات جديدة إلى معاهد العلم والجامعات، وما استقبلته البلاد من الأفواج الناجحة التي أتمت دراستها، وحملت شهاداتها لخدمة الوطن المقدس، وما تم مده من الخطوط التلفونية الجديدة، ومحطات اللاسلكية في جميع أنحاء المملكة، وافتتاح ميناء الدمام واستمرار العمل في مد الخط الحديدي بين الرياض، والظهران إلى الخليج العربي، وما اتخذته الحكومة من تدابير فعالة لتفريج أزمة المساكن ببيع، أو تحكير الأراضي الصالحة للبناء بقيم، وأجور زهيدة مغرية، ووضع نواة للأسطول البحري التجاري.

وأحق ما يجب التنويه عنه مع الشكر والاستزادة، ما لا تزال الحكومة، ومديرية المعارف تواصل فيه الجهد من مكافحة الأمية، وتعميم الثقافة، ونشر التعليم، وإنشاء المدارس التحضيرية، والابتدائية، والثانوية في المدن والقرى، وتشجيع المدارس الأهلية كما يشيد المجلس بالمجهودات الكبيرة المبذولة لتدعيم كيان الجيش وزيادة وحداته، واضطراد تحسيناته، وتقدم تشكيلاته على أحدث الطرق والأساليب بفضل العناية التي يوجهها إليه حضرة صاحب الجلالة القائد الأعلى. وحضرة صاحب السمو الملكي وكيل القائد الأعلى سمو ولي العهد المعظم، وصاحب السمو الملكي وزير الدفاع الأمير (المنصور)، وينتهز المجلس هذه الفرصة فيقدر لوزارة المالية وبالتالي لجميع الدوائر الرسمية العاملة ما تقوم به من نشاط عظيم في أداء ما اضطلعت به من أعباء، وواجبات ويرجو لها جميعا دوام التوفيق والسداد. كما يستعرض ما انعقدت عليه النية وأعدت له العدة من توسيع نطاق الزراعة، وإقامة السدود، وفتح الطرق وتعبيدها، وسفلتتها بين جدة، والمدينة المنورة، ومكة، والطائف، وإبراز مشروع الإضاءة الكهربائية في العاصمة، وإنشاء فروع للبلدية في مناطق متعددة، ودرس مشروع المجاري العمومية، وإنشاء الحدائق، وبناء الأرصفة في الشوارع، وما إلى ذلك من مظاهر التقدم العمراني التي نرجو مخلصين أن تبلغ بها البلاد المستوى اللائق بكرامتها، وحسن سمعتها في العالم الإسلامي في ظل صاحب العرش المفدى.

وإنه لمن يمن الطالع أن يتفق الاحتفال بعيد الفطر المبارك في العام الماضي مع الذكرى الذهبية لمرور خمسين عاماً على فتح جلالة مولانا الملك المعظم (الرياض) عاصمة ملك آبائه، وأجداده، وتأسيس المملكة السعودية وأن يعتبر ذلك فألاً حسناً، وأساساً قوياً لما تلاه من تشييد، وبناء هذه الدولة المدينة لله تعالى ثم لجلالته.

ومع كل ما سبق بيانه فإن المجلس سيعالج في دورته الجديدة إن شاء الله بدقة تامة، وسهر متواصل مناقشة كل ما هو بين يديه من مشروعات، وأنظمة وقوانين، ويدرس ما تدعو إليه مصلحة البلاد، والشعب بصدد ارتفاع الأسعار، وإيقافها عند الحد المعقول، وما تعانيه البلاد من أزمة الخدم، ويعتقد أنه لابد من إنشاء مكاتب التخديم وتنظيم أمور الهجرة، واستئناف النظر في المقررات المتخذة فيها، ووضع القيود اللازمة التي تجعل الهجرة خالية من العناصر غير المرغوب فيها، وتضع حداً للمزاحمة غير المشروعة في أسباب الحياة الضرورية الواجب توفرها للمواطنين، وسيدرس مستهديا بالله ثم بإرشادات جلالة الملك، وسموكم كل ما يهيئ مستوى أعلى للمعيشة، ويساعد على الهناء، والرخاء بحول الله وتوفيقه. ولا شك أن سموكم تنظرون بعين الاعتبار إلى ضرورة اتخاذ كل حيطة لضمان توفر المواد الغذائية، وتموين البادية تمويناً تاماً بما تحتاجه من ذلك بقدر ما تستوعبه قدرتها، وتسمح به ظروفها، ويؤمن استهلاكها في الأوقات العادية، وغيرها في يسر وطمأنينة واستقرار.

يا سمو الأمير المعظم:

إن المجلس ليأمل وطيد الأمل أن تشاطره الدوائر الرئيسية الاهتمام بما أنيط بها من جانب، ومن الجانب الآخر أن تيسر له أداء واجبه على الوجه الأكمل بالإسراع في تقديم برامجها وميزانياتها للسنة الحالية في سعة من الوقت، وتدارك ما لابد منه للنهوض بالأعباء التي لا يسهل القيام بها إلا بالتعاون المشترك والإخلاص المتبادل، وإننا حين نتمسك بذلك فإنما نرمي إلى وضع الأمور في نصابها من حيث التبعات الثقيلة التي لا يجهل المجلس أنه مسؤول عنها أمام الله ثم تجاه جلالة الملك المعني بصالح شعبه المخلص الأمين، وعملا بالنصوص الصريحة التي لا محيص عن تطبيقها من أحكام نظامه المصدق، ولا يرى المجلس في هذا المجال أنه يستطيع التنصل من هذه المسئولية الخطيرة، والحق أن كل تلكؤ، أو إبطاء في ذلك لا يؤدي إلى الخلل، أو التقصير، أو الإهمال في العمل فحسب بل يترتب عليه ضعف الثقة، أو فقدانها في إمكانية المجلس واستعداده لأداء مهمته، ومباشرة واجباته؛ الأمر الذي يتفادى المجلس أن يناقش فيه الحساب من قبل جلالته، أو سموكم، ولتسمحو لنا يا صاحب السمو أن نؤكد رجاءنا ونستحث كل دائرة رئيسية أن تضاعف جهودها فيما اضطلعت به من أعمال يجب إتمامها حتى تستأنف السير فيما يتلوها من المراحل التي لا بد من قطعها إن شاء الله تعالى استجابة للظروف الدواعي الطارئة، وتحقيقا للمثل العليا التي تهدف إليها حكومة جلالة مولانا الملك، وتمشيا مع روح التطور الزمني الذي أخذت آفاقه تتسع.

وإن المجلس ليرجو أن تضاعف مديرية الأوقاف العامة عنايتها بشؤون المساجد عامة، والمسجد الحرام، والمسجد النبوي خاصة، وأن تسير في ذلك على مقتضى التوجيهات الملكية الكريمة.

وإن على المجالس المحلية الإدارية، والبلدية أن تباشر العمل بمقتضى صلاحيتها، وأنظمتها المصدقة، وأن تعمل دائما في سبيل النهوض بالواجبات الكثيرة التي ألقيت على عاتقها، وتحقيق الغايات التي أنشئت من أجلها، والآمال المعقودة عليها حين اختيارها وانتخابها.

وما من شك أن الشعب في باديته، وحاضرته قد شعر بكثير من التقدم، وانتشر فيه الوعي العميق بالحاجة على العمل المنتج في شتى أبوابه وأسبابه، واغتبط أعظم الغبطة بما يتمتع به من أمن وسلام، ووحدة قوية، وثروة مواتية، وثقافة لا تلبث بأن توتي أكلها ضعفين بإذن الله غير أننا ونحن نستهدى بالله تعالى ثم بإرشادات جلالة الملك – أعزه الله وأطال بقاه – نطمع أن نقف في ظل جلالته جنبا لجنب مع كل شعب أتاحت له الأقدار فرصا لم تتح لنا إلا خلال حكمه الرشيد، وعهده السعيد. وسيعنى المجلس أشد العناية بإتمام مناقشة نظام الموظفين الجديد؛ ذلك النظام الجامع الذي وضعت نصوصه على ضوء التجارب الطويلة، والمستوعب لكل ما يجب النص عليه من قواعد، وأصول تتفق ومصلحة الوظائف، والموظفين في آن واحد، وقد تناولت مواده الدقيق والجليل مما يتعلق بالموظف الصالح وطريقة اختياره، وتأمين معاشه ومكافأته وعقوبته، ونقله وتقاعده، ومتى حاز التصديق السامي وبوشر في تطبيقه فإنه بالإضافة على نظام العمل والعمل؛ سيكون كل منهما دعامة قوية في استقرار الحياة الاجتماعية على أساس راسخ، وكيان متين وسيعنى المجلس بالشئون البلدية عامة ويبدأ في ذلك بما تمليه بواعث التطور العصري، ويتلاءم مع قدسية البلاد ومكانتها كما وأنه سيتقد بمقترحاته في مكافحة الغلاء، والمصطنع وإنه لمطمئن إلى أن اتخاذ بعض التدابير الحازمة والرقابة الصارمة كفيل بإزالة كل عقبة تعترض تأمين العيش، وتوفير الرغد لرعايا جلالة الملك الساهر على هنائهم، وإنها لمجازفة لا تقوم على أساس، ولا تنهض على برهان أن يتردد الزعم بأن لهذا الغلاء، أو عدمه أسبابً مشروعة قبل أن تتركز مسئولية ذلك في جهة معينة تخول من الصلاحيات ما يزيح الشك ويستخلص اليقين بدون عنت، أو إرهاق للتاجر المستورد، أو المتسبب، أو المستهلك. فلكل من هؤلاء حقه الذي لا ينكر في الربح المعقول، واعتدال السعر، وتوفير الاحتياج. وللمجلس عظيم الرجاء في سموكم أن تعضدوه التعضيد القوي في هذا الموضوع الحيوي الهام لاتصاله بحياة الجمهور اتصالا مباشرا يملك عليه حسه وتفكيره.

وختاماً نسال الله جلت قدرته وتعالت عظمته أن يحفظ جلالة عاهلنا المفدى، وولي عهده المعظم، وسموكم المحبوب، وسائر الأمراء من آل بيته الأكرمين، وان يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه إنه سميع مجيب".

على إثر ذلك تفضل حضرة صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبد العزيز، فارتجل الخطاب السامي الآتي:

"بسم الله الرحمن الرحيم

في الوقت الذي يُقدر مجلس الشورى على ما قام ويقوم به من الأعمال لا يسعني إلا أن أشكر المجلس على إيضاحه بالنيابة عني الأعمال التي قامت، أو تقوم بها حكومة مولاي جلالة الملك؛ فقد أوردها حضرة خطيب المجلس في خطابه، ولا شك أن مسئولية المجلس مع مسئولية الحكومة هما سيان تجاه الله، ثم أمام جلالة الملك ثم أمام الشعب الذي علق آماله في المجلس والحكومة. فهذه مسئوليات تكاد تنوء بحملها الجبال فإذا وفقنا الله لأداء الأمانة مقرونة بإخلاص، واجتهاد فلا شك أن هذا من أكبر نعم الله علينا، ولا يمكنني أن أقول أكثر مما أورد خطيب المجلس من الأعمال التي قامت، وتقوم بها الحكومة، ولكن الشيء الذي أريد أن أسجله بهذه المناسبة أنها بحول الله تعالى منظمة،وليس للحكومة غاية فيما قامت، أو تقوم به سوى المصلحة العامة التي تستهدفها في كل الأحوال.

يجوز أن يكون هناك بعض تقصيرات، أو أغلاط تحدث عن حسن نية، ولكن الشيء الذي نرمي إليه هو الإخلاص في الأعمال والدأب على تأدية الواجبات، وذلك كله بعون الله ثم بحسن توجيهات صاحب الجلالة المعظم.

ومن الأشياء التي أحب أن أذكرها للمجلس باختصار هي عزم الحكومة على إدخال عنصر هام من عناصر الدفاع الوطني، وهو تشكيل قوة سلاح جوي، وهذا في طريق الإتمام وسيكون بعد مدة وجيزة نواة لأسطول جوي حربي كبير.

ومن الأشياء التي اعتزمت عملها في هذا العام إجابة للرغبات التي تلقيتها من المواطنين والوفود؛ هو إعادة النظر في التنظيمات والتشكيلات الخاصة بالحج والحجاج. وهذا طبعا يشمل كثيراً مما ورد في خطاب الخطيب من الشئون الصحية، والإدارية، والمواصلات، وتوفير أسباب الراحة التي يشترك فيها الساكنون والضيوف. ونأمل بحول الله تعالى وقوته أن سوف لا يحل الموسم القادم إلا وقد اتخذت خطوات واسعة في هذا السبيل. كذلك فيما يختص بالنواحي الثقافية فإن الجهات المختصة سائرة بعزم واجتهاد نرجو أن يكون مثمرا وتكون له نتائج طيبة.

بقيت ملاحظة وهي التي أوردها الخطيب برجاء اهتمام الدوائر المختصة فيما يتعلق بها من الشئون، والإسراع في إتمام ما يمكن إتمامه منها وتلافي القصور والتكاسل، وهذا ما أظن أحداً يألو جهداً في تحقيق هذه الرغبة، وفي الوقت الذي نرحب فيه كحكومة بملاحظات المجلس التي مصدرها الإخلاص، والرغبة في إعطاء كل شيء حقه في هذا الوقت؛ نرجو من المجلس أن يكون قدوة حسنة في هذا السبيل، وأن يهتم بجميع الأعمال، ولا شك أنه قائم بالقسط الوافر منها. وإنما في بعض الأوقات أسمع ملاحظات لتأخر بعض الأعمال لدى المجلس، وهذا طبعا ليس بقصد من المجلس، وإنما لظروف تؤدي إلى ذلك.

وهناك ملاحظة بسيطة أريد أن أطرحها بين أيديكم كإخوان وهي أن بعض أعضاء المجلس يأخذون الإجازات، ومنهم من يكررها، ومنهم من يطيلها، وهذا مما يشل طبعا حركة المجلس، وإذا لم تكن الجلسات مستمرة، ولم يكن النشاط موجوداً ربما يكون ذلك سبباً في تأخر بعض الأعمال التي ستكون بحول الله تعالى في صالح الجميع.

وهناك بعض الإخوان في مشاغل أخرى من تجارة، أو مؤسسات ربما تشغلهم عن الواجب الرسمي؛ أريد أن أطرح هذه الملاحظة لإمكان تلافيها، وعلى كل حال كلنا مسئولون، وكلنا سائرون في طريق واحد.

ذكر الخطيب في خطابه ما يجب على الجهة المختصة تلافيه فيما يختص بالغلاء، وإزالة أسباب الشكوى، وهذا لا شك أنها رغبة لا تقتصر على المجلس فحسب بل إنها رغبة الأمة جميعها.

ولي ملاحظة بسيطة في الموضوع فالغلاء ليس حقيقيا، وليست له أسباب موجبه بل هو مصطنع، وربما كان لفائدة بعض جهات، وأفراد ولكن مكافحة الغلاء لا تكفي فيها جهود المجلس، أو الحكومة، أو شخص مسئول إذا لم نتظافر جميعا على مكافحته، والتخفيف من اقتناء واستهلاك بعض الكماليات، وبعض الزوائد التي ليست الأمة محتاجة إليها بقدر احتياجها إلى الأغذية. ومن الناحية الثانية ربما يستغل بعض الأفراد أو الجهات الفرص، ولكنهم لا يرون من رقابة الأمة ما يوقفهم عند حدهم فلو استعملت بعض الاجراءات في هذا السبيل ربما تعذر اثبات الشكوى، وذلك لعد الأدلة، أو لعدم كفايتها، وهذا مرجعه إلى تقاعس الأفراد، أو المطلعين على الأدلاء بما عندهم من معلومات بشأن الغلاء وأسجل أن هذا ليس قصوراً من الحكومة، أو الجهات المختصة بل هو من الجميع فإذا تظافرت الجهود واتحدت وجهات التعاون بين الدوائر المسئولة، والجمهور فإن في اعتقادي أنه سيقضي على هذا الغلاء.

بقى علينا أن نوجه أنظار الجميع إلى أن يكونوا عونا، ومساعدين ليس فقط في أن يتبعوا ما تأمرهم به الحكومة فهذا حاصل بل بتنبيه الحكومة في كلما يتعلق بمصلحة العموم والجمهور، لان الشكوى لا تكفي إذا لم تصل إلى جهاتها المختصة، وهذا لا يكفي إذا لم يكن الشاكي والمدعي يقرع الحجة بالحجة، ولكن الأقوال، أو الوساوس التي تخالج تعض النفوس، وهي مفترقة للبروز، فهي الضعف كله ويجب على من له حق أن يثبت حقه، وفي ذلك الوقت يصبح التأخير، أو الإهمال، أو الجرم ينصب على المقصر. وهذا ما أحببت أن ألفت النظر عليه حتى لا يكون هناك شيء من اللبس، وأعتقد أن المجلس يشاركني في هذا الاتجاه ومن بعده الأمة التي أرجو أن يوفقنا الله إلى أن نسمو بها إلى مرافق النجاح.

والآن باسم الله ثم نيابة عن حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم افتتح هذه الدورة لمجلس الشورى لعام 1370هـ سائلين المولى أن يكلل الأعمال بالنجاح وأن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه".