الدورة الأولى السنة الثانية 1415هـ - 1416هـ

الخطاب السامي لخادم الحرمين الشريفين:

"بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.

وعلى بركة الله نلتقي معكم أيها الأخوة في بدء اجتماعات مجلس الشورى، في السنة الثانية من الدورة الأولى نلتقي بعد مضي عام من افتتاح مجلسكم الموقر، الذي يعتبر امتداداً لعملية الشورى التي لم تتقطع في هذه الدولة منذ قيامها وعبر عهودها الثلاثة، إذ أن الصلة التي تربطنا حكومة، ومواطنين ظلت قائمة على الدوام على المحبة والثقة، والشورى دون حواجز، أو قيود، وظل الباب المفتوح، والمجالس المفتوحة سمة من سمات الممارسة الحقيقية اليومية للشورى، وتبادل الرأي، وهذا ما أكد عليه النظام الأساسي للحكم.

كما شكل مجلسكم الموقر مع مجالس المناطق التي تعتبر مجالس شورى في مناطقها، جسوراً إضافية من جسور الاتصال، والمشاركة لإيصال الرأي والمشورة، وإتاحة الفرصة للمواطنين للتعبير الملتزم عن ملاحظاتهم، وآرائهم في إطار من النظام والإخلاص، والعمل على كل ما يحقق المصلحة العامة وخدمة الوطن.

لقد شهد العام الماضي تكوين مجلسكم الموقر، ومجالس المناطق، والأنظمة الأخرى، وهي أنظمة لم تأت من فراغ، وإنما هي حصيلة تجاربنا العملية منذ تأسيس هذه الدولة، فنحن لم نقتبس أنظمة موضوعة لغيرنا، وعلى من يريد تقييم نظامنا أن ينظر إليها بحد ذاتها وإلى نتائجها، دون مقارنة بنظم أخرى، فنظمنا منبثقة من شريعتنا الإسلامية الخالدة التي هي القاعدة والأساس وما يتنافى، أو يتعارض معها فهو مرفوض، ولا مكان له في هذه البلاد وإننا في الوقت الذي نعبر فيه عن ارتياحنا للإنجازات التي حققها المجلس، فإننا نود أن نؤكد عزمنا – بإذن الله – على دعم مسيرة المجلس، وتعزيز أهدافه، والاستفادة القصوى من أغراضه وفق ما هو مرسوم في نظامه، وإن أمام مجلسكم مهاماً جساماً لأداء الواجب المنوط به، وتعزيز إنجازاته، بعد أن أشاد الجميع في الداخل، والخارج بنظامه، وحسن اختيار أعضائه.

أيها الأخوة:

إن دولتكم التي قامت منذ ما يزيد على مائتين وخمسين سنة، وتوحدت في هذه المملكة منذ ما يزيد على ستين عاماً، قامت على تحكيم شرع الله وسنة نبيه، محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، وصبغت بذلك تعاملها داخلياً وخارجياً، وسنظل بإذن الله متمسكين بهذا المبدأ، لأننا نجزم أن فيه عزتنا ورفعتنا وسعادتنا في الدنيا والآخرة.

وإن من نعم الله التي لا تحصى على هذه البلاد نعمة التمسك بالعقيدة الإسلامية، ثم ما من الله به علينا من الأمن والاستقرار والرخاء والازدهار. وإن من واجبنا أن نحمد الله على هذه النعمة، ثم نحافظ عليها، ونوفر الأسباب والوسائل لاستمرارها وانطلاقاً من هذا المبدأ، سعت حكومتكم لاستغلال ما أنعم الله به علينا من ثروات للقيام بأسرع تنمية شملت جميع مجالات الحياة التي تهم المواطن، وتهيئ له الحياة الشريفة والكريمة في التعليم، والزراعة، والصناعة، والخدمات، والتشييد، والمواصلات، والاتصالات، وكافة حقول التنمية.

وانطلاقاً من حرص الدولة على راحة المواطن وضمان مصالحه ورخاء معيشته، أنشأت صناديق التنمية في مجال الصناعة، وفي مجال الزراعة، وفي مجال العقار، والاستثمار، ومنحت المواطنين قروضاً مريحة طويلة الآجال وبدون فوائد.

ففي مجال الأمن، عملت الحكومة على توفير الأمن لمواطني هذه البلاد والمقيمين فيها، وقاصدي الحرمين الشريفين، وإقامة حدود الله التي بها تحيا النفوس، ويستقر الأمن، وينصرف الناس مطمئنين إلى معاشهم.

وللحفاظ على هذا الأمن، وما تحقق من إنجازات، فقد سعت الدولة – ولازالت – لتطوير قواتها المسلحة بجميع قطاعاتها ومسئولياتها، وتزويدها بما يلزمها للدفاع عن الوطن ضد أي اعتداء يقع عليه في عالم لا يحترم إلا القوي، مستعينين بالله ثم بسواعد أبنائنا للدفاع عن عقيدتنا وبلادنا مكتسباتها.

أيها الإخوة:

لقد عاش العالم في العقد الأخير أوضاعاً اقتصادية مضطربة، تأثرت بذلك كل دول العالم، ومنها بلادكم، وزاد في ذلك تكاليف الحروب التي تعرضت لها منطقتنا، وبذلنا الكثير من أجل صد العدوان، وإزالة آثاره، وحماية البلاد.

وأود بهذه المناسبة أن أوجه مجدداً باسم المملكة العربية السعودية حكومة، وشعباً جزيل الشكر والامتنان، لجميع الدول العربية، والإسلامية الشقيقة، وللدول الصديقة، التي أسهمت عسكرياً، وسياسياً، ومعنوياً مع المملكة العربية السعودية في مواجهة الاحتلال العراقي الغاشم لدولة الكويت الشقيقة.

أيها الأخوة:

لقد صاحب تلك الأوضاع الاقتصادية المضطربة التي أشرنا إليها انخفاض في أسعار البترول ضاعف الأثر على اقتصاد المملكة العربية السعودية.

وبالرغم من ذلك كله، فقد تمكن الاقتصاد السعودي بحمد الله من استعادة عافيته، بشهادة كثير من الخبراء الاقتصاديين العالميين، وتسعى الحكومة لكي ينطلق الاقتصاد السعودي نحو النمو والتطور. ولتحقيق ذلك فقد قامت الحكومة في السنة المالية الحالية بتنفيذ موازنة تقوم على ترشيد الإنفاق الحكومي في القطاعات التي لا تمس حياة المواطنين، وسيستمر ذلك إن شاء الله، كما تسعى الحكومة لتخصيص بعض المشروعات الإنتاجية، والخدمات التي تمتلكها الدولة، بحيث يشارك المواطن في تحديث مرافق مصادر إنتاج بلاده، مع تشجيع القطاع الأهلي، وتوسيع نطاقه، وتعزيز قاعدته، وإيجاد مصادر أخرى للدخل.

وتحقيقاً للمصادر الشرعية للمجتمع المسلم، ستواصل مؤسسات الرعاية الاجتماعية تقديم الرعاية القصوى لمستحقيها، كما ستواصل مؤسسات الإقراض الصناعي، والزراعي، والعقاري جهودها لخدمة الواطنين.

أيها الأخوة:

ولأهمية الأمن الغذائي فقد شجعت الحكومة الزراعة، ودعمت المزارعين حتى تم إيجاد قاعدة زراعية قوية وحديثة، كما قامت الدولة ببناء العديد من المشاريع في مجالات التعليم، والصحة، وتحلية المياه، والاتصالات، والطرق السريعة، بما في ذلك الأنفاق والجسور، مما هو معلوم ومشاهد، ولن تقف الدولة عند حد في تطوير ما هو قائم بل وإنشاء ما يحتاجه المواطن في جميع مجالات الحياة.

أيها الإخوة:

إن دولتكم التي قامت على هدي من كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، تسعى بكل جهودها لتيسير ما يهم المواطن في أمر دينه، فأنشأت لذلك وزارة مختصة، وهي وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، التي تمثل إضافة لما هو قائم من مؤسسات تختص بمثل هذه الأمور، مثل إدارة البحوث العلمية والإفتاء، وهيئة كبار العلماء، وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجامعات المتخصصة في الدراسات الشرعية.

كما لم تغفل أهمية الدعوة الإسلامية التي أخذت هذه البلاد على عاتقها مهمة تبليغها وفق ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فتم إنشاء المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، ومجلس الدعوة والإرشاد، ليساهما معاً في ترتيب هذه الأمور وتعزيزها، وتسهيل مهمة الدعاة، وأعمار المساجد.

أيها الأخوة:

لقد كرم الله سبحانه وتعالى هذه البلاد بوجود الحرمين الشريفين، وشرفنا سبحانه بخدمتها، والسعي لراحة قاصديها، وقد تم الانتهاء بفضل الله ومنه وكرمه من أضخم توسعة للحرم المكي الشريف، والمسجد النبوي الشريف في تاريخهما، وأنجزت العديد من المشاريع في المشاعر المقدسة، وسنواصل العمل بإذن الله على تحسين، وتطوير المشاعر المقدسة لتسهيل الحج لضيوف الرحمن.

أيها الإخوة:

إن الخطة الخمسية السادسة التي سيبدأ تنفيذها هذا العام أعقبت خمس خطط ركزت على البناء، والتشييد وإنشاء البنية الأساسية في جميع المجالات، وتأتي هذه الخطة لتركز على التوازن الاقتصادي، وتنويع مصادر الدخل، والتركيز على التعليم المهني، لسد النقص الحاصل في الكفاءات الوطنية في هذا المجال، وسيرافق ذلك عمليات الإصلاح الإداري لتسهيل الإجراءات وتيسيرها على المواطنين.

أيها الأخوة:

وفي مجال السياسة الخارجية قامت هذه البلاد منذ توحيدها على يد المغفور له الملك عبدالعزيز – رحمه الله -، على مبدأ عدم التدخل في شئون الآخرين، وعدم الاعتداء على الغير، وسوف تستمر في السير على هذا المبدأ، كما أنها من ناحية أخرى، واستناداً على مسئولياتها العربية، والإسلامية، تدعم كل جهد يدعو إلى تعزيز صفوف الأمة الإسلامية، ووحدتها، كما سعت المملكة العربية السعودية إلى إجراء الاتصالات مع مختلف بلدان العالم، وبذل كل الجهود اللازمة لمساندة الشعب الفلسطيني، ونصرة إخواننا في البوسنة والهرسك، ودعمهم للحصول على حقوقهم المشروعة.

وتطبيقاً للحديث النبوي الشريف:" المسلمون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر"، بادرت المملكة العربية السعودية إلى تقديم المساعدات المادية، والعينية، لإخواننا المسلمين الذين تعرضوا لكوارث، أو حروب، أو تهجير.

وعلى المستوى الإقليمي نسعى مع إخواننا في مجلس التعاون لدول الخليج العربي، لتعزيز مسيرة مجلس التعاون الخليجي بهدف تحقيق مصالح شعوبه في الأمن والاستقرار والرخاء، وان يكون – كما أردناه – إضافة وسنداً لوحدة الأمة الإسلامية، وقوتها.

وانطلاقاً من سياسة المملكة العربية السعودية الثابت فإنها تحرص على دعم جامعة الدول العربية، وتعزيز فعاليتها ومكانتها، لتكون قادرة على الاستمرار في خدمة الأمة العربية.

وأما بالنسبة لقضايا الأمة الإسلامية فقد بذلت، وتبذل المملكة العربية السعودية جهوداً مكثفة لتحقيق التضامن الإسلامي وترسيخ دعائمه، كما أولت قضايا الأقليات الإسلامية في العالم اهتماماً خاصاً.

هذا بالإضافة إلى الدور البناء الذي لا تزال المملكة العربية السعودية تواصله في شد أزر الشعوب الإسلامية.

وفي هذا الإطار فقد واصلت المملكة العربية السعودية دعمها لمنظمة المؤتمر الإسلامي باعتبارها المؤسسة التي تقوم برعاية الأهداف، والمصالح الإسلامية لكل ما يخدم قضايا الأمة الإسلامية، ويحقق لها النجاح.

وإيماناً منا بأهمية السلام في تحقيق الأمن والاستقرار والنمو الاقتصادي، واستناداً إلى السياسة الثابتة التي تتبعها المملكة في نبذ الحروب كوسيلة لحل المشاكل لما ينتج عنها من كوارث ومصائب، فقد أيدنا مسيرة السلام في الشرق الأوسط، مادامت تهدف إلى تحقيق سلام شامل وعادل تقبله الأطراف العربية المعنية؛ وانطلاقاً من هذه السياسة تدعم المملكة كل جهود السلام التي تهدف إلى حقن الدماء، وإحلال الاستقرار، ورد الظلم في جميع أنحاء العالم.

أيها الأخوة:

لقد مرت بنا سلسلة من الصعوبات خلال السنوات الماضية، وواجهتنا تحديات كبيرة واجتزناها بفضل الله ثم بالعزيمة والإرادة، وإن ثقتنا بالمواطن السعودي كبيرة، وحجم الآمال التي نعقدها عليه عظيمة في بناء وطنه بالعمل الجاد، والشعور بالمسؤولية الوطنية، والدقة والانضباط، وهذا ما نعرفه عن مواطنينا ونأمله منهم، كما إننا بعون الله ثم بمساندتكم، ومساندة أبنائنا المواطنين في كل مكان من هذه البلاد الطاهرة ماضون في بناء الدولة العصرية المنيعة المتمسكة بقيم الإسلام وتعاليمه، ومع تمنياتي لكم جميعاً بالتوفيق في أداء الأعمال الموكلة إليكم، أسأل المولى القدير أن يديم علينا نعمه وتوفيقه وأن يعز الإسلام والمسلمين إنه سميع مجيب.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".

وعلى أثر ذلك ارتجل خادم الحرمين الشريفين الكلمة السامية التالية:

"بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد.

أيها الأخوة الحضور..

في هذا اليوم الذي تكرر وسوف يتكرر كل سنة – إن شاء الله – أسعدني الحظ أن أجتمع بمجموعة من الأخوة.

إن اجتماعنا هذا اليوم سوف يكون –إن شاء الله- خيراً وبركة، ويحقق هذا المجلس ما يتفق مع العقيدة الإسلامية، ومصلحة البلاد، من جميع الأمور صغيرها وكبيرها، وكان هذا التفكير من قديم وليس بجديد، ولكن كل ظروف لها وقت فالحمد لله أنه أنجز ما كان يريده الذين تولوا قبلي. ولعلنا في هذا المجلس أن ندقق جميع الأمور التي تهم ،أولها الاهتمام الكبير بمصلحة عقيدتنا الإسلامية قبل كل شيء، ونقتدي بما فيها، ونبتعد عما نهانا عنه ربنا عز وجل، ونفتش عن الأمور الخيرة المفيدة لهذا البلد الكريم، ونبتعد عن الأمور التي ليس لنا فائدة فيها، لو أردت أتكلم بالكثير من الأمور لطال الوقت، وربما الحديث الطويل قد يجوز أنه ممل، ولكن لا بد أنه هناك جزء بسيط يريد أن يتكلم فيه من هو في هذا المقام. ما في ذلك شك أن مجلس الوزراء، وأنا شخصياً نريد مساعدة إخواننا أعضاء مجلس الشورى في جميع الأمور المهمة لهذه البلاد التي – ولله الحمد – هي أمور مشرفة ما فيها لبس ولا فيها تداخلات، وهناك أمور تحدث، وإذا حدثت أمور لها أهميتها اطلع مجلس الشورى عليها، وأفادنا مجلس الشورى بفائدة كبيرة فيما يحال إليه من معاملات كبيرة ومهمة، ويدرسها دراسة كاملة ويعطينا الرأي السديد، والرأي هو ضالة المؤمن.

ومعروف عن هذه البلاد وأهلها، أنهم لا يمكن أن يتخذوا طريق، أو يوافقوا على أمر ما، يخالف العقيدة الإسلامية نصاً وروحاً، وبنيت على هذا الأساس من مئات السنين، والرسول اللهم صلي عليه وسلم نبهنا لجميع الأمور كلها التي نزلت عليه في كتاب الله العزيز ونحمد الله على ذلك، ولا نقول في أحد شيئا، إنما نحن سوف نكون بحول الله وقدرته متمسكين بالكتاب والسنة ولا هناك شيء يخالفها أبداً، تعددت الأمور وكثر المجالس، وأصبحت لها أنواع تختلف عن نوعية مجلسكم هذا.

نعم نحن نسمع ونرى ولكن لا نتدخل في شؤون أحد، يكفينا أن تكون هذه البلاد مستقرة وآمنة، وآمنة على رجالها وعلى نسائها وعلى أموالها، وأرجو من الله أن يوفقني بحكم مركزي الذي أنا فيه، أن أقوم بالواجب ولا أدعي أنني سوف أقوم بالواجب متكاملا، ولكن لعلي أقوم بما يجب وإن كان محدوداً فالكثير من البلدان يتمنى أن يكون في وضعنا هذا وضع المملكة العربية السعودية في كثير من الأمور.

البلد دخلت في أمور فوق إرادتها بما حدث من العراق، وما تبعه من أمور لا داعي أن أشرح أكثر مما أنتم تعرفونه، ونصرنا رب العزة والجلال وأعاننا بقدرته سبحانه وتعالى، وأعاننا بجنود من جميع أنحاء العالم، بطبيعة الحال قامت المملكة العربية السعودية باستضافتهم مادام أنهم قدّموا أبناءهم، وإمكانياتهم العسكرية، فلا يجب إلا أن نشارك في خدماتهم، وما يريحهم في وطننا، وكانت الأمور ما فيه اختيار، إما أن تستعين بمن تستطيع أن تقنعه أن يعينك بقوته التي نحن نعرفها، وكان الأمر صعباً جداً أن تقنع هذه الدول برأي المملكة العربية السعودية، ولكنها في النهاية اقتنعت ورأت الخطأ كبيراً، والخطأ معضلة كبرى تقوم به دولة عربية على الكويت، وما وصل الكويت سوف يصل المملكة العربية السعودية.

لذلك نحن إخوان محبون لبعضنا البعض في الكويت، وفي دول الخليج عموماً ولا يمكن أن نتأخر عن واجب نؤديه، فحدث ما حدث، لا أعيد وأكرر ما هو معروف في الأحداث الماضية، بطبيعة الحال مواقف مثل هذه، أن يقوم الإنسان بالواجب فيها تكاليف كثيرة، وأهم التكاليف في نظري أنا هو ما يطول البشر، ويطول رجالات المملكة العربية السعودية سواء كانوا مدنين، أو عسكريين.

وأصيبت البلاد بكوارث بسبب هذه المحنة الكبرى، إن كانت في المال، أو في الرجال، أو في البلاد، علاوة على ما حصل في الكويت التي لا يمكن أن التاريخ سجل مثله لا في الماضي، ولا أعتقد أنه سجل مثله في الحاضر، لأن هناك دولة عربية كان للكويت موقف معها، وقفت معها مواقف كبيرة علاوة على مواقف المملكة العربية السعودية.

لم تشكر العراق هذين البلدين بما قامتا به معها، وكان واجباً أن أي دولة عربية تصاب بأذى على الأمة العربية أن تساعدها بقدر ما تستطيع وأهم شيء الأنفس والأموال، وهذه حدثت بشكل كبير جداً وطالنا ما طالنا منها من خسائر بشرية ومادية، ولا أقول هذا الكلام على عوانه ولكن هذه هي الحقيقة.

نحمد الله أنه عز وجل أعاد لهذه البلاد مقوماتها، ونرجو من ربّ العزة والجلال أن نكون دائماً وأبداً لا نخرج عن ما حدده رسول الله اللهم صلي عليه وسلم، وبينّه ربّ العزة والجلال في كتابه العزيز، ولهذه البلد صفة خاصة لست أنا الذي أخصها بهذا الشيء، ولا أحد يخصها بهذا الشيء، ولكن جعل الله فيها الحرمين.

أرجو أن يعيننا ربّ العزة والجلال أن نؤدي واجبنا لضيوف الحرمين، ومن يريد أن يأتي لهذه البلاد، لكي يستفيد من عمق العقيدة الإسلامية في جامعاتها وكلياتها، وهذا هو الذي حادث الآن، أما إذا أردت أن أعدد ما أصابنا من خسائر فهي كثيرة بآلاف الملايين، نلاحظ الآن ونرى أن الأمور إلى الآن، ونحن نحاول أن نسدد بعضها من بعض، وأعاننا ربنا عز وجل وسددت أمور كثيرة، والمحاولات مستمرة في كثير، من أهمها أن بعض الزيادات على بعض ما رأى الأخوان في مجلس الشورى، وما رأى مجلس الوزراء أن هذا واجب على الدولة، وواجب على المواطن أن يتحمل جزءا مما حدث، لأن ما حدث حدث دون إرادتنا نحن ولكنه إرادة إلهية، وحدث من دولة كنا نعينها سراً وعلناً، وهذا الذي حدث بشكل، أو بآخر لا أريد أن أفصل مقدار ما حدث، ومقدار ما أنفقته الدولة في سبيل نصرة العقيدة الإسلامية، وكبح جماح عدو لا يعرف معنى الصداقة، ففكرنا تفكيراً بعيد المدى من أين، ومن أي جهة نستطيع أن نسدد ما علينا من مبالغ. ما كنا نريد أن تتجمع هذه المبالغ على دولتكم الموقرة، ولكن الحرب ليس فيها صبر، ولا فيها مدى أن تقول أنتظر أو لا ننتظر، حدث ما حدث، وصرفت آلاف الملايين من جميع العملات لشراء الاستعدادات اللازمة التي يجب أن تكون في كل بلد على قدر إمكانياتهم، وأتتنا دول أجنبية، وكثير من قال إن وجود هذه القوات الأجنبية هو خطأ، لكني أن أقول وأستعين بكلمات قيلت من قادة المسلمين في هذه البلد إن هذه ضرورة قصوى.

وانتهت الأمور والحمد لله لنصرة دين الله، ونصرة هذه البلاد، وكل إنسان موجود ليس من سكان هذه البلاد إن كان عربياً، أو إفريقياً، أو آسيوياً، أو أمريكياً، أو بريطانياً، أو من أوروبا، أو من أي مكان كان قام بإعانتنا بمعرفتهم، وأسلحتهم، وقواتهم، ورجالهم قتل من قتل منهم، وبقي من بقي منهم، وقمنا بواجبنا متكاملا نحو الخدمات التي تقدم لهم.

قدموا لنا أرواحهم وهذا واجب، وأظن من المنطق، والمعقول أن نقدم لهم الخدمات التي تعينهم في مكانهم الذي هم فيه.

هذه الخدمات قدمناها في ظروف معينة لا نستطيع أن نعمل إلا ما عملناه، والمهم أنهم أدوا واجبهم لأنهم أقوى منا بسلاحهم ونحن أقوى بالله عز وجل.

لولا أن سخرها الله عز وجل، ما أتت هذه القوى الكبيرة لمساعدة المملكة العربية السعودية أدينا فيما سبق واجبنا مثل ما ذكرت من خدمات عامة، وبعدها رحلوا إلى بلدانهم.

إذاً هذه قدرة إلهية وسخرها رب العزة والجلال أن جعل هذه الدول تعين المملكة العربية السعودية، وتنقذ الكويت مع قواتنا السعودية، ولا أريد أن أطيل ما فعل في الكويت في رجاله ونسائه، وأمواله، ومن فعل هذا، فعل هذا عربي يدعي العروبة، وصديق كان للسعودية، والكويت، وقمنا بمساعدته في عدة أمور، ليس حباً في (صدّام) ولكن نحاول أن نبعد الأذى عن هذه البلاد.

لو أردت أن أعدد المقادير، أو الإمكانيات التي قدمتها هذه البلاد، وقدمتها الكويت فهي كبيرة جداً، ولكن مادام أزهقت الأرواح، وهدمت البيوت، وهتكت الأعراض ما أعظم من هذا شيء حدث في التاريخ، المهم أن الواجب أُدي على آخر ما يطلب.

قبل أن أنهي هذه الكلمة المحدودة أشكر كل الشكر علماءنا الأفاضل لما يقومون به إن كانوا في الجامعات، أو في المساجد، أو يتكلمون أمام الناس علنا، أشكرهم كل الشكر، وكذلك المواطنين الذين أعطاهم ربنا مقدرة الدفاع عن هذه البلاد بالكلمة الطيبة أشكرهم الشكر الجزيل.

وربما من يقول عن الزيادات التي رأت الدولة أنها لا يمكن أن تستعيد قواها – والقوة لله عز وجل – إلا بما عمل من زيادات على أسعار الأشياء المستهلكة، نحن نعلم أنها سوف تكون، يمكن من يريد أن يفسرها أنها عائق للإنتاج الزراعي، أو العمراني، أو الصناعي، ولكن لو ما عمل هذا الشيء سوف نجد أنفسنا في سنة من السنوات مضطرين أن نرضخ لبنوك عالمية، أو بنوك داخلية، أو أموال داخلية، أو أموال خارجية لنستعين بها لسد الحاجة، وأظن هذا شيئاً وارداً.

ما عمل من زيادات في بعض الأسعار، أو بعض المواد، أملي من المقتدرين على المقارنة بين الزيادات التي زيدت في ميزانية الدولة، وما هو موجود الآن في دول مماثلة للمملكة العربية السعودية أقصد بالمال، وعندها إمكانياتها المادية، وأنا طلبت من المسئولين أن يعملوا مقارنة في البترول، وفي الديزل، وفي المياه، وفي الكهرباء، وفي جميع الأمور الحيوية التي يحتاجها الإنسان، عندها سوف نعرف وسوف ندرك إذا كان فيه زيادة فهي زيادة نسبية ولكن لابد منها.

ولا بد من أحد أمرين إما أن نُحمِّل أنفسنا بقروض لابد أن نسددها، أو نستعين بالله ثم بصبر المواطنين فترة من الزمن قليلة – إن شاء الله -، ويعود الأمر إلى وضعه الطبيعي.

ولكني أمرت المختصين أن يعملوا لكم مقارنة بما تساويه هذه المواد التي رأى مجلس الشورى، ومجلس الوزراء رفعها بطريقة تدريجية وقليل من المال ولكن القليل يجمع الكثير.

ولا أخفيكم أن الدولة مدانة بأموال وطنية وغير وطنية، ولا بد من تسديدها، ولا بد من أن نلتزم بما هو قائم من مشاريع في هذه البلاد التزاماً متكاملاً، حتى لا تتوقف عجلة التطور في هذه البلاد، ليس رغبة في زيادة دخل الدولة ولكن ليس من سبيل إلا ما عُمل، ولم يعمل في الواقع بطريقة عشوائية إلا بعد دراسة متكاملة وجد أن السبيل الوحيد بدل أن تمد يدك للغير أن تستعين بالمواطنين على الصبر، وهذا فترة من الزمن لن تطول إن شاء الله.

وأنا طلبت من المختصين يعملون مقارنة بالنسبة للخدمات التي حصلت عليها زيادات مع مقارنته بالنسبة للدول المجاورة وماهو الفرق بين دول لها وزنها وقيمتها، وعندنا نحن نحترمها ونقدرها، ولكن ما هي الأسعار التي كانت موجودة في هذه البلاد للبنزين، والديزل، والمياه، والكهرباء، وماهي الأسعار في تلك الدول التي ماهي في حاجة والنقد عندها فهذا يوضح إذا كانت الدولة مصيبة، أو مخطئة الطريق.

وأنا اعتقد أنه عندما يطلع المواطن إطلاعا متكاملاً لماذا اتخذت الدولة هذا الطريق، نحن اخترنا الطريق الأسهل، والأفضل ألا نمد أيدينا للآخرين وآلا كل إنسان السعودية تمد يدها له تريد منه قرضاً سوف يعطيها قرضاً ونترك الأمور مثلما هي.

ولكن بعد تفكير بعيد المدى، ومعرفة وإدراك واستشارة كثير من المواطنين في المملكة العربية السعودية، وعلى رأسهم مجلس الشورى رؤي أن عملاً مثل هذا هو الأفضل حتى لو تحمل المواطن بعض الشيء.

نحن أول دولة خفضت جميع الأمور من مياه، ومن كهرباء، ومن حاجيات وأشياء كثيرة قبل أن تخفض في أي بلد عربي، ولا نزال على هذا الطريق وإن شاء الله سوف نعود إلى ما كنا عليه، وأملي أن يكون قريباً إن شاء الله.

أظن المقارنة واجبة يطلع عليها المواطن ما هي الزيادة بعد استشارة مجلس الشورى، والاختصاص الاقتصادي، هل هي أفضل أن نسد حاجياتنا بأنفسنا، أو نأخذ قرض، منها قروض ربوية، ومنها قروض نلزم بها، وندفع مبالغ طويلة عريضة.

ولا والله لنا رغبة سواء مجلس الشورى أن دافعت عنه، ولا مجلس الوزراء له رغبة في الزيادة، أو لها رغبة في مكاسب فلان وفلان والخ.

ولا لها رغبة أن تسيء لأحد لكن في حالات معينة يقدم الإنسان أعز ما عنده نفسه للقتال دون أمور عديدة، وأهمها العقيدة الإسلامية، أو الفساد في البلد، أو محاولة احتلال البلد، أو احتقار البلد في أي أمر ما.

فعلى إخواننا الصبر، وعلى من يسمعني في هذه البلاد الصبر، وسوف تعمل مقارنة حقيقية ماهي الفوارق مع الزيادة التي رؤي أن تزاد بها بعض الأمور في هذا البلد بعدما أمر بزيادتها، واقتنعنا أن هذا هو الحل الأمثل حتى لو تحمل المواطن بعض الشيء لأن المواطن يقدم نفسه أكبر من أن يتحمل بضع مئات، أو ما يشابه لذلك ولكن أمرت – والأمر لله عز وجل – أن تعمل مقارنة حقيقية بالنسبة للبلدان العربية التي لها إمكانيات، كم الأسعار التي تباع بها الحاجيات للمواطنين للمزارعين، للحركة، لأي شيء آخر، وكم بلغت الزيادة التي قامت بها المملكة العربية السعودية في ميزانيتها لهذه السنة؟

سوف نجد أن الفارق قليل، إذا كانت غير متساوية فالفارق قليل.

أنا أردت أقول هذا الكلام لأنه عندما تعلن الأمور ويعرف كل مواطن ما هي الزيادة، ولماذا زيدت هذه المبالغ لأمرين:

الأمر الأول: لتنفيذ مصالح المواطنين.

الأمر الثاني: هو أن نسلم من أخذ الديون على الدولة ديون كانت حوال أربعين ألف مليون، وأعتقد أنها الآن انخفضت إلى 15 ألف مليون.

والدائن ليس عنده صبر، ولا عنده أي نوع من التقدير يقدم ما تطلبه منه وبعد فترة قصيرة يطالب إعادة المبلغ له، فحبيت أبين هذا الأمر.

ويا إخوان: سوف تعمل مقارنة حقيقية ماهي الفروق ما الزيادة التي رؤي أن تزاد بها بعض الأمور في هذا البلد، وبعدما زيدت ورؤي أنها هي الحل الأمثل حتى لو تحمل المواطن بعض الشيء لكن أمرت أن تعمل مقارنة حقيقية بالبلاد العربية التي لها قيمة، كم أسعار البيع لتلك السلع لديها لمواطنيها، ولمزارعيها، والحركة في البيع، والشراء، وكم بلغت الزيادة التي قامت بها المملكة العربية السعودية في ميزانيتها هذه السنة، وسوف نجد الفرق قليل إذا كان هناك فرق.

أحببت أؤكد هذا الأمر مرة أخرى إن هذه الزيادة زيادة مؤقتة حتى تتزن الأمور، ويعود كل شيء على وضعه الطبيعي.

ذكرت نحن قادرون والحمد لله أن نمد أيدينا لبنوك عالمية، ولكن ماذا يأخذ البنك، يعطيك مبلغاً ويأخذ مثله مرتين، وكل سنة ما تسدد المبلغ المحدد تزداد عليك الضريبة.

مادام نحن نستطيع أن نتحمل نحن كحكومة، والمواطنون هذا الأمر بصبر وتمعن، أعتقد أنه أفضل من أن نحمل أنفسنا من الديون الخارجية، ما هناك بنك، أو حكومة، أو مؤسسة إلا طلبت منها المملكة العربية السعودية أي مبالغ بآلاف الملايين عندها استعداد أن تعطي هذه القروض، ولكن أظن نعرف تماماً ما هي نتائج القروض؟ نتائجها تزداد بمبالغ كبيرة، ونحمل أنفسنا، ونحمل المواطن في ذات الوقت مبالغ كبيرة.

أرجو أن أوفق لأن تعود الأمور إلى وضعها الطبيعي في أقرب وقت إن شاء الله، وأملي من رب العزة والجلال أن هذه المبالغ التي طلب من المواطن أن يساهم بها أن يكون فيها الخير والبركة، وأن تكفينا شر مد أيدينا لبنوك عالمية، أو دول عالمية.

أرجو الصبر، تعلمون أن بلدكم قارة بذاتها، ونحتاج إلى المزيد من المستشفيات، ومن الطرق، ومن تحسين الوضع في البلد على جميع المستويات ولهذا وجدنا نحن بين أمرين، إما نحمل المواطن مثل ما سهلنا الأمور للمواطنين فيما سبق، ويتحملها بشكل مريح وشكل غير مزعج، وألا نمد أيدينا لبنوك عالمية، واخترت أني أستعين بالمواطن، وأحمله بعض الشيء أفضل ما أتحمل ديون عالية تبتدئ تلفزيوناتهم، وإذاعاتهم تقول ما تقول، ومعها حق إذا قالت إن السعودية أخذت منها قرضاً، وماذا يتبع هذا من تصور منهم، وماذا يتبع هذا من تفسير، إن هذه البلد التي تعتبر غنية، وتعتبر بلد ما في شك الحمد لله خيراتها كثيرة، لكن قامت بواجباتها في صحاري طويلة عريضة في أمور كثيرة قامت بها البلاد من طرق، ومستشفيات وتصنيع، الآن الموجود عندنا الآف المصانع، وأظن كثير من الإخوان زاروها، وأدركوا أن هناك مصانع، وتنتج صناعة لها قيمة، ونأمل أن تستمر هذه النهضة الصناعية.

وذكرت فيما سبق أن هناك مؤسسات للمملكة العربية السعودية، مختصة بها الدولة، وتقوم بها الدولة، سوف تحال إلى الاستفادة منها بالنسبة للمواطنين، والدولة تكون مساهمة في جزء منها، وهذا ثبت أنه أفضل الطرق وأصلحها، لأن مشاركة المواطن في المؤسسات التي لها قيمة ولها وزن هو أصلح لهذه المؤسسات.

والآن الأمور الحمد لله مستقرة، نعم من أراد أن يدعي أن يقول كنت آخذ طن الماء بكذا، أو آخذ البترول بكذا، أو خذ الديزل بكذا زاد عليّ كذا لكن لماذا لا يفكر، عشرات السنين التي قبل هل هو سعيد وإلا لا، ولماذا مثلاً يحاول أن يقنع نفسه، أو يقنع الآخرين أن الدولة أخطأت، لا ما أخطأنا كوني أُحمل المواطن أن يساعد الدولة وسوف يعاد له وتعود الأمور مثل ما كانت –أولاّ- أو أمد يدي للأجنبي.

أنا أخترت أني استعين بالله ثم بالمواطن على أتحمل بعض الوقت، وسوف تعود الأمور إن شاء الله، قريبا وتسير على مجراها الطبيعي، والدولة لا تريد إرهاق المواطن بأي حال من الأحوال، ومع هذا كله المدبر هو الله عز وجل، ونحن استشرنا فيها مجلس الشورى، وأبدى رأيه فيها، وبعد ذلك استشيروا خبراء السعودية، وأشاروا أن الحل الوحيد هو الزيادة بعض الشيء.

أما أحد يتكلم ويقول أنه زاد الوقود على النوع الفلاني، أو زاد الماء على الجهة الفلانية، نحن استثنينا أصحاب الدخل المحدود ما يطولهم هذا الأمر نهائياً، وعمدت الجهات المختصة أن يبقى لهم حدود معينة، وأن لا يطولهم هذا الأمر في حاجة، مع العلم أن الدولة تهتم اهتماماً كبيراً بجميع أطراف هذه البلاد ووسطها.

ومع هذا كله الذي أنفقته الدولة آلاف الملايين على المشاريع، الآن ابتدأت تؤثر التأثير الجيد، فيما يتعلق بالزراعة، أو الأشياء التي تستورد من خارج المملكة العربية السعودية ابتدأت تصنع عندنا في البلاد بطريقة أفضل وأقرب وأرخص.

أرجو من الله عز وجل أن يوفقنا إلى ما يحب ويرضى، ويجعلنا دائماً عند حسن ظن المواطنين، والعون من الله عز وجل، ولكن عون المواطنين لدولتهم ما هو بالمال فحسب فقد أعانو دولتهم بأنفسهم، وقاتلوا في سبيل دينهم من قديم الزمان ليس هذا شيئاً جديداً.

وإلا آخر ما حصل من العراق هل كان أحد يفكر أن العراق يحتل الكويت ويضرب المملكة بالصواريخ.

إذن نريد أن نكون بحول الله أقوياء والقوة لله عز وجل، والقوة الآن هي نوعان قوة لابد منها، وهذا الذي سوف يحدث بالمملكة العربية السعودية، وقوة احتياطية.

وأرحب بأخواني في هذا اللقاء وأشكر إخواني الذين اجتمعوا الآن من المواطنين وعلى رأسهم الشيخ عبدالعزيز بن باز، وطلبة العلم الأفاضل الذين لهم الحقيقة الفضل الأكبر، أبانوا جميع الأمور الحساسة في هذه البلاد، وأوضحوها للمسلمين، واستفاد منها المسلمون في جميع أنحاء العالم، وأشكرهم كل الشكر، وهذا على كل حال واجبهم، والاعتماد على الله عز وجل.

أرجو لكم التوفيق فيما أنتم سائرون فيه، وأرجو أن تنتهي هذه الأمور إلى ما هو أفضل عما كان موجوداً، وأظن هذا المطلوب من الدولة أن تطرق دائماً الأبواب الخيرة لكي يستفيد المواطن.

كلنا نعرف قبل عشرات السنين ماذا كانت بلدنا لا شيء لماذا؟ لأنه لا يوجد إمكانيات، عندما وجدت الإمكانيات في بضع سنوات وصلنا من التطور المفيد البناء إلى أرقى تطور موجود في العالم.

ولا أقول أننا فقنا العالم ولكن تطورنا بشكل في الصناعة وفي الزراعة، وفي الفكر؛ في الأفكار المفيدة البناءة. بالنسبة لوضع الدولة شيء واحد لا نفرط فيه نهائياً هو التمسك بالعقيدة الإسلامية، وما حرمته العقيدة الإسلامية لا يمكن تقبله، ولن نتقبله من بعيد، ولا من قريب حتى لو هلكنا من دونه.

ختاماً أرجو لكم التوفيق والصحة والعافية، وأرجو لطلبة العلم وعلى رأسهم الشيخ عبدالعزيز بن باز التوفيق فيما يبديه من مجهودات، وما يتحمله من مشاق هو وإخوانه رؤساء المحاكم، والمجالس العليا، والمجلس الأعلى للقضاء، واجتماع الإخوان ما بين وقت وآخر في اجتماع مفيد بناء ويساعدوننا المساعدة الكبرى نحن بشر، والبشر أقرب للخطأ لكن إذا كان من جعله الله في بلد ولاية الأمر بالمعروف أن ينصت، ويستمع للمصلحة والنصح أرجو أن يكون منهم.

وأنا أعد إخواني أن أي أمر مفيد لهذه البلاد سوف أسعى فيه إن شاء الله، وأي أمر فيه إساءة لها سوف ابتعد عنه، ولا استغني عن الرأي فالرأي ضالة المؤمن.

شكراً لكم مرة أخرى ونجتمع إن شاء الله في العام القادم في مثل هذا الوقت، ودمتم في عز ونصر بحول الله وقوته ما دام أننا متمسكين بالكتاب والسنة، وهذا الشيء الذي يجب أن يكون واضحاً لن نخرج عن نطاق الكتاب والسنة، ودمتم بالسلامة، ويوم مبارك إن شاء الله، وليلة مباركة وشكراً لكم".

كلمة معالي رئيس مجلس الشورى الشيخ/ محمد بن ابراهيم بن جبير ونصها:

"الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه.

خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود.

صاحب السمو الملكي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام.

أصحاب السمو الملكي الأمراء.

أصحاب السماحة والفضيلة العلماء.

أصحاب المعالي الوزراء.

زملائي أعضاء مجلس الشورى.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

في العام الماضي تفضلتم يا خادم الحرمين الشريفين بافتتاح أعمال مجلس الشورى بعد تكوينه الجديد في عهدكم الميمون، ووجهتم من على منبره خطابكم الكريم إلى الأمة فصار نبراساً يسترشد به المجلس.

واليوم تتفضلون يحفظكم الله، بتجديد هذه السُنَّة الحميدة في بداية أعمال المجلس للسنة الثانية، من الدورة الأولى، التي ينطلق فيها لمواصلة مسيرته، وأداء مهماته، ومسئولياته الجسيمة.

لقد اتسمت السنة الأولى بالانشغال بالعديد من الأمور التنظيمية والإجرائية، وإقرار الهيكل التنظيمي، والقواعد الفنية والإدارية والمالية، ووضع الأسس والقواعد لكيفية عمل المجلس، وهيئته العامة، ولجانه المتخصصة الثمان.

كما اهتم المجلس بملء شواغر ه بالكوادر الوظيفية فيه، واختيار المستشارين، والباحثين، ولبى المجلس عدة دعوات من المجالس المماثلة. وقد عقد المجلس في سنته الأولى ثلاثين جلسة.

وكان المجلس يعقد جلساته مرة كل أسبوعين، وهي الحد الأدنى بموجب لائحته الداخلية مباشرة. ثم صار المجلس منذُ شهرين يعقد جلسة كل أسبوع قد تمتد الواحدة منها إلى يومين متواصلين، أو أكثر. أما اللجان المتخصصة الثماني فإنها، ومنذُ تكوينها قبل عام، تعقد جلسات أسبوعية منتظمة. بلغت في مجموعها أكثر من مائتين وستين جلسة.

وعلى صعيد تنفيذ المجلس لمهماته الأساسية، فلقد نظر حتى الآن في أكثر من خمسة وأربعين من الأنظمة، واللوائح، والاتفاقيات، والقضايا المحالة إليه بأمركم السامي، واتخذ حيالها القرارات المناسبة. وتم رفعها إلى مقامكم الكريم.

خادم الحرمين الشريفين:

إن هذا المجلس الذي رسمتم هيكله الجديد يواصل مسيرته بكل عزم وتصميم. وما من شك أنه ما كان للمجلس أن يرسي، أو يرسخ معظم الأساليب والهياكل والإجراءات التنظيمية والإدارية، ويبدأ فوراً بمباشرة مسؤولياته، إلا بفضل من الله سبحانه وتعالى ثم نتيجة للدعم الجزل المستمر، والتصميم الأكيد بنجاح مسيرته بنية صادقة مخلصة من لدنكم يا خادم الحرمين في المقام الأول والأخص، ثم بتعضيد أجهزة الدولة كافة ورغبتها في التعاون المثمر والبناء مع المجلس لتحقيق مسئولياته.

وعلى الخصوص إمداد المجلس بالكوادر الفنية والإدارية والمالية. وإمداده بالمعلومات التي يحتاجها، وتفتقر إليها لجانه المتخصصة من أجل الوصول إلى مقترحات أقرب إلى الصواب بمشيئة الله.

وفي الختام أشعر أنه لزاماً علي أن أرفع الشكر لله على فضله وعونه وتوفيقه، ثم لكم يحفظكم الله على التوجيه السديد، والرعاية الأدبية والمادية، وتذليل الصعاب كافة.

كان لابد لي أن أشيد بتعاون معالي نائب رئيس المجلس وكافة أعضاء المجلس، وأمينه العام، وأجهزته التنفيذية المساندة، وتفانيهم جميعاً في سبيل أداء المجلس لواجباته على الوجه الأفضل.

أسأل الله أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وأن يثبتنا على ديننا الذي هو عصمة أمرنا.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".