الدورة الثانية السنة الرابعة 1421هـ - 1422هـ

الخطاب السامي لخادم الحرمين الشريفين:

"بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله

أيها الأخوة الكرام:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

باسم الله وعلى بركة الله نفتح أعمال مجلس الشورى في بداية سنته الرابعة من دورته الثانية ونسأل الله تعالى أن يبارك في جهودنا وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهة الكريم وأن ينفع بها الأمة أنه سميع مجيب.

إنني أشعر بالغبطة والسرور في كل مرة التقي بكم وأنها لعادة حسنة سار عليها مؤسس هذه الدولة الملك عبدالعزيز – رحمة الله – لاستذكار فضل الله سبحانه وتعالى أن هدانا لاختيار طريق الشورى دون تقليد أو محاكاة.

إن ممارسة بلادنا للشورى الإسلامية المنظمة قد أكملت خمسا وسبعين سنه منذ أن أصدر الملك عبدالعزيز – رحمه الله – أو نظام لمجلس الشورى عام 1346هـ مدركاً منذ الوهلة الأولى بفكره ونظره الثاقب أن القرار الصائب هو ما يبنى على المشورة من ذوي العلم والخبرة.

ولقد كان لمجلس الشورى منذ إنشائه دور كبير في التنمية من جميع الأوجه، حيث سن ذلك المجلس كثيراً من الأنظمة في المجالات المختلفة التي أسهمت في تسيير أمور البلاد بما يتناسب مع الوضع الداخلي ولا ينافي الشريعة الإسلامية.

وعندما تطورت البلاد وقطعت أشواطاً كبيرة في التنمية وخاصة التنمية البشرية شكلنا لجنة من ذوي الخبرة والعلم قامت باقتراح أنظمة جديدة تناسب مستجدات العصر وفي الوقت ذاته لا تعارض الثوابت في شريعتنا ومن بين هذه الأنظمة نظام مجلس الشورى الذي أصدرناه في عام 1412هـ مصاحباً للنظام الأساسي للحكم الذي صدر في العام ذاته. مما يعد نقلة نوعية مهمة في ممارسة مبدأ الشورى الإسلامي جرياً على خطى الملك عبدالعزيز – رحمه الله – الذي حافظ على الشورى وتولاها بالرعاية والتطوير حتى وصلت إلى ما وصلت إليه من النمو والاصالة وجعلتنا نفخر ونعتز بثمارها ونتمسك باستمرارها ومن هنا جاء أمرنا بتطوير مجلس الشورى وتوسيع المشاركة فيه وتنظيم اختصاصاته وأهدافه.

أيها الأخوة:

إننا عندما نلتقي في هذه المناسبة فإننا نغتنمها لنوضح لكم الكثير من الأمور المتعلقة بشئون بلادكم ومواطنيها العزيزين على قلوبنا جميعاً، وتلاحظون أن المحور الأساس لحديثنا إليكم هو ما يتعلق بمواطنينا، لأن الهدف من كل ما نقوم به من جهود هو تحقيق مزيد من الرفاه لهم، ومزيد من النمو والتطور والرقي لبلادنا التي علينا جميعاً أن نبذل كل ما في وسعنا لتبقى في المكان اللائق بها دائماً، سواء في محيطها العربي والإسلامي، أو على مستوى العالم أجمع، مستفيدين في ذلك من موقعها الشامخ فوق خريطة حضارة الإسلام، ومن مكانها السامق من تاريخه المجيد، ومعولين كذلك على ما آتاها الله من ثروات طبيعية غنية تساعدها – بحول الله وقوته – على تحقيق طموحاتها وتطلعاتها، كي تظل دائماً تقوم بالدور المناط بها لما فيه الخير، ولما يحقق المزيد من فرص السلام والطمأنينة للجميع.

ومن هذا المنطلق فقد ظلت رسالة بلادكم واضحة في هذا العالم، فنحن أمنا على عقيدتنا الإسلامية التي تنزلت إلينا من رب العباد فوق هذا التراب الطيب الطاهر، بل أن إخلاصنا لهذه العقيدة ظل بالنسبة إلينا أمراً مصيرياً لا نقبل حوله المساومات، ولا نرضى بأن نقدم فيما يتعلق به أي تنازلات، انه منهجنا الراسخ في تفكيرنا وتربتنا وتنظيم شئوننا وانه نبراسنا الذي نهتدي به في تحديد مستويات علاقاتنا فنقبل على كل ما يمكن أن يؤدي إلى تطوير حاضرنا، وكل ما يهيئ فرصاً أكثر للرقي بمستقبلنا مما في هذا العالم من طروحات ومشروعات، ولكن على شرط أن لا يتناقض أو يتعارض أي شيء من ذلك مع ثوابت عقيدتنا، أو مع القيم من مبادئنا وتقالدينا.

ولعل التجربة الخيرة التي تمارسونها في هذا المجلس.. مجلس الشورى خير دليل على ثراء إسلامنا بما يقدمه من مشروعات من شأنها أن تحقق الغاية ولاسيما من حيث الانسجام مع ما تتطلع إليه الشعوب في الماضي والحاضر فيما يخص المشاركة في صناعة القرار، أو إسداء المشورة لولي الأمر فكا أمر يتعلق بأمور حياتنا نجد له الإجابة الشافية في ديننا والعالم كله يعرف عنا هذه الحقيقة، ولا يمكن بناء عليه أن نعير بلاً لتلك الأصوات الشاذة التي تتجاهل هذا لأغراض ندركها. وأعود لأطمئنكم حول الصدى الطيب الذي تجده لدى المنصفين في هذا العالم تجربتنا الحضارية سواء في مضامينها الفكرية، أو في منجزاتها المادية والتنموية.

فالعالم كله يشهد اليوم بسرعة وقوة النمو الاقتصادي والاجتماعي الذي أحرزته بلادنا، وهو يشهد كذلك بالمستوى الجيد للثبات النفسي والطمأنينة الإيمانية التي ينعم بها شعبنا، لأنه شعب مؤمن بالله، فإذا ما تحقق التوازن المطلوب في هذين الأمرين فإن من نتائجه الملموسة الاستقرار الذي تتطلع إليه الشعوب في أي مكان.. هذا الاستقرار الذي يمثل شرطاً أساسياً من شروط التفوق، أو من شروط الإنجازات الواثقة القوية المثمرة... ونحن نسمع ونشاهد أن هناك شعوباً كثيرة قد حرمت مع الأسف من هذه النعمة، لما بتنازعها من الأفكار والأهواء التي لا تجد لها أي جذور في وعي الناس، أو في وجدانهم أو في تكويناتهم التاريخية والثقافية.

أيها الأخوة:

لقد بدأت حديثي إليكم اليوم على هذا النحو، ليس لأنكم – وأنتم الأبناء المخلصون لا تدركون منهاج هذه البلاد في التفكير أو السلوك، فأنتم خير من يعرف ذلك ويدركه، ولكنني أردت أن ألفت النظر إلى ما يدور حولنا من استدراجات وغوايات تحسب أنها بما تقوله أو تردده من افتراءات واختلافات تستطيع أن تمارس علينا نوعاً من الضغوط التي يمكنها في النهاية أن تحرفنا عن طريق الذي اختاره لنا رب العزة والجلال، وهي تلوح مثلاً بموضوع حقوق الإنسان دون أن يكون لها إطلاع على حقيقة ما يجري في بلادنا، ودون أن يكون لها معرفة موضوعية بما تطرحه شريعتنا في هذا الخصوص من مبادئ سامية نحن نعتقد أنه لا يضاهيها ولا يجاريها في هذا المضمار أو غيره أي مبادئ أخرى... ويكفي أن تلك المبادئ تستمد أسسها من الوحي الإلهي الكريم، ومن سنة المصطفى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى. بل إننا لنجزم أن ما جاءت به الرسالة العظيمة يجعلنا نحن من جهتنا نقف أحياناً موقف اللوم والتعجب لما يجري للإنسان ولحقوقه في مجتمعات أخرى تنتمي لحضارات غير حضارتنا، سواء فيما يتعلق بأوضاع المرآة وما تتعرض له من ابتذالات فرضتها فلسفة الاستهلاك وواقعه، أو فيما يتعرض له الأطفال في أسواق العمل وسطوة المادة المتحكمة في كل شيء. أن تلك المجتمعات تزعم أنها الأجدر بالدفاع عن حقوق الإنسان فوق هذا الكوكب، ولكن ذلك لا يعني أن كل ما يدور فيها يرضي بالضرورة كل سكان المعمورة، وهذه هي سنة الحياة في تعدد المفاهيم وتنوعها.

وفي السياق تعلمون ويعلم كل مسلم أن حقوق الإنسان قد حماها الإسلام منذ أربعة عشر قرناً بموجب نصوص إلاهية آمرة ملزمة لكل مسلم ومن ينتهكها يعرض نفسه للعقوبة الدنيوية والأخروية. وعندما أصدرنا النظام الأساسي للحكم نصت مادته السادسة والعشرون على أن الدولة تحمي حقوق الإنسان طبقاًً لأحكام الشريعة الإسلامية. ومع ثقتنا وقناعتنا بسلامة مسار بلادنا وصحة منهجها نؤكد للعالم أجمع والمنصفين بخاصة أن ليس لدينا ما نخجل منه أو نخفيه وأن أبوابنا مفتوحة وقلوبنا نظيفة ومناهجنا راسخة وأن قضاءنا أولاً وأخيراً منصف لا يتغير وأن الحكم الرباني الأعدل والأسمى فوق كل القوانين.

إننا نقدر كل الجهود التي تبذل لتحقيق الطمأنينة والرفاهية لشعوب الأرض ونقدر الاجتهادات المتوالية والمتسارعة في هذا الشأن، ولكننا نحذر أشد التحذير من مغبة المحاولات لإكراه المجتمعات على التخلي عن معتقداتها وثقافاتها الخاصة، ولا سيما إذا كان من بين تلك المعتقدات المعتقد الإسلامي الذي يطرح هو من جانبه تصوره الخاص لشروط الطمأنينة والرفاهية للشعوب.

نحن مع تفاهم الثقافات، ولكننا في الوقت ذاته ضد التسلط أو هيمنة ثقافة معينة على غيرها.

أيها الأخوة:

إن بلادكم ليست في غفلة عما يدور في هذا العالم من تحديات وتطورات، فهي تعتبر نفسها جزءاً من هذا المجتمع الدولي، ونحن وإن اختلفنا مع غيرنا حول بعض الطورحات والتصورات إلا أننا نؤيد كل الخطوات المؤدية إلى تطور المجتمعات ورفاهيتها، ولهذا فنحن نرقب باهتمام كبي كل ما يجري في هذا العالم من مشروعات وإجراءات فرضتها الظروف الجديدة لعلاقات البشر فوق هذا الكوكب ولا سيما بعد أن ترابط واتصل ببعضها بفعل التطورات المتقدمة في وسائل الاتصال، مما فرض أنماطاً جديدة في التعاون والتبادل، وفي الذهن مثلاً التطورات السريعة التي تشهدها الساحة الاقتصادية الدولية على وجه الخصوص، والتي من أبرز معالمها تحرير تدفقات التجارة والاستثمارات، والانتقال السهل السريع لرؤوس الأموال، وذلك كله يحدث بفعل التوجه الحثيث لا زالت الحواجز بين الأسواق، وتيسير حركة عناصر الإنتاج عبر الحدود. إن هذا الواقع الجديد جعلنا نحس في هذه البلاد بأن من الأهمية بمكان الحث على تعاون المجتمع البشري، وبخاصة الدول الصناعية منه، بحيث تعمل بكل ما في وسعها للتسامح في مسألة نقل التقنية إلى الدول النامية، لتقليل الفوارق التنموية الهائلة بينها وبين الدول الفقيرة، فتلك الفوارق هي التي ستكون السبب في الآثار السلبية الصعبة التي ستقع على المجتمعات قليلة الحيلة. ولا يكفي تعاون الدول الصناعية أو المتقدمة للتخفيف من حدة الأزمة المرتقبة، بل لابد من تكثيف الجهود في الدول النامية نفسها نفسها لتهيئة الأرضيات المناسبة لقيام اقتصادات ذات فاعلية وحيوية وسياسات مالية واستثمارية مدروسة وقوية، تضمن تحقيق التقدم ولتحقيق مثل هذه الأمور لا بد أن تعمل الدول النامية أيضاً على استقطاب التقنيات الحديثة اللازمة ثم تسعى إلى توطينها وتطويرها بما يتلاءم مع ظروفها وإمكانياتها. وفي هذا الاتجاه لعلكم سمعتم وتابعتم ما وجهنا به مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية من ضرورة الإعداد لعقد مؤتمر دولي حول نقل التقنية مع التركيز على المجالات الاقتصادية والتقنية العلمية، وتعلمون إننا ماضون بحول الله نحو الانضمام إلى منظمة التجارة الدولية، مما يكفل لبلادنا إن شاء الله فرصاً اقتصادية وتنموية واعدة. وتعلمون كذلك في هذا الصدد بصدور نظام الاستثمار الأجنبي، فقد ناقشتموه أنتم في هذا المجلس بعد إعداده من قبل المجلس اقتصادي الأعلى برئاسة أخي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، وهو النظام الذي لقي ما يستحقه من ترحيب وإشادة في كل الأوساط الاقتصادية والاستثمارية في العالم، فكان ذلك مشجعاً للعديد من الشركات والمؤسسات الاستثمارية للشروع في الحوار معنا حول مستقبلها الاستثماري في بلادنا الغنية ولله الحمد بثرواتها وموقعها الاستراتيجي. إن من شأن هذا الواقع الجديد للاستثمار الأجنبي في بلادنا أن يسهم في النقلة النوعية التي سيشهدها بإذن الله اقتصادنا المحلي، وهذا الواقع الاستثماري الجديد يكفل لرأس المال الأجنبي بالمقابل تحقيق مستوى عال من من الربح، وضمانات قانونية تحقق له الأمان المطلوب من المخاطر غير التجارية، كما يحقق له ميزات إدارية تكفل سرعة البت في كثير من الإجراءات. ويجري الآن الإعداد لمؤتمر اقتصادي يناقش بيئة الاستثمار وفرصه في بلادنا، وسيجمع المؤتمر مجموعة عالية المستوى من رجالات السياسة والأعمال، وصناع القرارات والأنظمة، والصناعيين والقانونيين المصرفيين، من القطاعات الحكومية والخاصة في المملكة ولدى شركائها.

إن هذا الإنجاز الجيد للمجلس الاقتصادي الأعلى هو جزء من منظومة من الإجراءات التي تعمل الدولة على تحقيقها من أجل تنويع الاقتصاد السعودي ودعمه ويدخل في هذا الباب كما تعلمون الخطوات الموفقة التي أنجزها المجلس الأعلى لشؤون البترول والمعادن، ولا سيما فيما يتعلق بدعوة الشركات البترولية العالمية للاستثمار في المملكة، فقد تلقت المملكة إثر الدعوة التي وجهتها للاستثمار في مجال البترول عروضاً متعددة للاستثمار من نحو ثمان عشرة شركة عالمية مؤهلة من بينها أكبر عشر شركات بترول في العالم، ويقدر أن يستثمر في الاقتصاد السعودي خلال السنوات العشر القادمة بلايين الدولارات مما يغير بشكل جوهري وإيجابي من وجهة الاقتصاد السعودي من حيث معدلات التنمية وهذا سيكون له من ناحية عمومية تأثيره الواضح على رفع المستوى المعيشي للمواطن السعودي، أما من الناحية الخاصة فإن هذا سيؤدي علي إيجاد فرص وظيفية كثيرة للشباب، وهي وظائف فنية متخصصة، ووظائف أخرى عادية لا تتطلب خبرة محددة. وهذا يعني أن الوظائف التي سيخلقها هذا المناخ الاستثماري لن تكون مقصورة على شريحة معينة من المجتمع، بل ستستفيد منها كافة الفئات والشرائح على مختلف مستوياتهم. كما انه من المعلوم أن المستثمر الأجنبي سيعتمد على المنتجات والخدمات والصناعات المحلية، وسيكون للسعوديين دورهم في هذه المشاريع، مثل تنفيذ الأعمال الجانبية، وأعمال الخدمات والصيانة والنقل، وهذه بحد ذاتها استثمارات كبيرة ومشجعة، وقد أكد المفاوض السعودي الدور الأساسي الذي لابد أن يلعبه المستثمر السعودي في هذا المجال، وقد أبلغت الشركات الأجنبية بأن هذا الأمر سيكون أحد المعايير التي ستقوم على أساسها عروض الشركات، كما تم التأكيد على تلك الشركات بضرورة الاهتمام بالبيئة.

أيها الأخوة:

إن استجابة تلك الشركات العالمية واستعدادها للالتزام بالاستثمارات تتطلب إنفاقاً مالياً هائلاً في بلادنا يدل ولله الحمد على الثقة في الاستقرار الذي ننعم به، ويدل أيضاً على صحة مناخنا الاستثماري الجيد وعلى شفافيته وجاذبيته.

إننا مطمئنون إن شاء الله إلى استقرار البترول على هذا النحو الذي أضحى اليوم مرضياً ومنصفاً للمنتجين والمستهلكين، ونحن أيضا واثقون من تعاون شركائنا في الأوبك، وحرصهم على ما يحقق المصلحة للجميع، وذلك من خلال الالتزام بقرارات المنظمة وما تتفق حياله الدول الأعضاء ولكن هذا لا يعني أن نتهاون في سعينا لتنويع قاعدة الاقتصاد السعودي، تحسباً لما يمكن أن يطرأ من متغيرات عاجلة أو آجلة وتناغماً مع متطلبات التنمية المتصاعدة، واستجابة لتطلعات مواطنينا نحو مزيد من الرخاء والرفاهية. وهنا لابد من التأكيد على دور رجال الأعمال السعوديين الحيوي في إثراء وتفعيل الحركة الاقتصادية وعلى مشاركتهم الفعالة في دفع عجلة التنمية. فهناك تعاون وتكامل لي القطاعين الحكومي والخاص ولا سيما في قطاعات مشروعات البنية الأساسية والعامة، ومن ذلك التعاون في مشروعات توليد الكهرباء، وقطاع الاتصالات، وبعض المرافق التعليمية والصحية والترفيهية، والموانئ ولقد أثمر ولله الحمد، هذا التعاون وأثبت القطاع الخاص عندنا أنه على مستوى المسؤولية التي أنيطت به، وعلى مستوى التطلعات التي عقدت عليه ونحن نتابع بكثير من الاهتمام تطور هذا القطاع ونذكر هنا أننا لاحظنا أن المؤشرات الإيجابية استمرار نموه الإيجابي حيث شهد نموا في ناتجه الإجمالي بلغت نسبته 7.4% بالأسعار الجارية و 2% بالأسعار الثابتة عام 1419/1420هـ مقارنة بما كان عليه في العام الذي سبقه، كما بلغت مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي للعام المذكور 38% بالأسعار الجارية و 48% بالأسعار الثابتة.

ونحن متفائلون باستمرار هذه المؤشرات الإيجابية ويدعم ذلك ما تقرر من تنظيمات وإصلاحات تهدف إلى تعزيز قدرة اقتصادنا الوطني على مواجهة التحديات المنافسة.

أيها الأخوة:

لقد روعي في إعداد الميزانية لهذا العام توفير الوسائل الضرورية لنمو الاقتصاد، وتعزيز مكانته، مع الاستمرار في الخطوات الهادفة إلى تحقيق التوازن المالي، وترشيد وقد واصلت سياسة الدول المحافظة على استقرار الأسعار المحلية، وسعر صرف الريال، الذين يعتبران حجر الأساس للنمو الاقتصادي المتوازن. كما واصلت البنوك المحلية تدعيم قدراتها المالية مما جعلها من البنوك ذات السمعة المالية المحترمة، التي تعزز الثقة في متانة الاقتصاد المحلي السعودي.

وإنه لاكتمال حلقات مشروعنا التنموي الكبير من كل جوانبه يتوجب على مراكز البحوث، والجامعات السعودية، ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، والمعاهد والمراكز العلمية المتخصصة، أن تبذل أقصى جهودها لتأهيل وإعداد الكوادر السعودية، كي تكون قادرة على التعامل مع التقنيات الحديثة المتطورة مما يساعد على توطين التقنية، ومما يسهم في زيادة الإنتاج، ورفع مستوى الأداء بشكل عام.

أيها الأخوة:

لقد تم في العام الماضي صدور نظام الضمان الصحي التعاوني وانتم تعلمون ما لذلك النظام من تأثير إيجابي كبير على الأداء الصحي وعلى اقتصادياته، كما تم في العام نفسه إجراء الدراسات الأزمة لقيام شركة مساهمة سعودية للخدمات في مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين الغرض منها القيام بأعمال التشغيل والصيانة والإدارة وأعمال التوسعة وأعمال الإنشاءات لمرافق التجهيزات الأساسية وستتم الموافقة عليها قريباً إن شاء الله. كما جرى في العام نفسه كذلك تأسيس الشركة السعودية للكهرباء. أما في هذا العام فقد صدر نظام الهيئة العامة للسياحة وتمت الموافقة على عدد من الضوابط التي يمكن بموجبها إصدار تأشيرات زيارة للمملكة لغرض السياحة، وستوضع لهذا الغرض خطة متكاملة، تتضمن البرامج السياحية، وقد عينا مؤخراً الأمين العام للهيئة العليا للسياحة، وكل ذلك لما تأكد للدولة من وجود المزيد من الفرص الاستثمارية المهمة التي يمكن أن تحقق عن طريق هذا النوع من الصناعة الذي يجد الاهتمام من كل دول العالم.

إن هذه الإنجازات التي ذكرتها لكم أنفا يجمعها في واقع الأمر فكرة واحدة وهي أنها حلقات أخرى إضافية في منظومتنا الاقتصادية والتنموية بشكل عام، وعي في بعض غاياتها تنسجم مع التوجه الجديد المثمر لمنح القطاع الخاص مزيداً من الفرص للمساهمة في تنمية بلاده، وإدارة بعض المشاريع التنموية فيها... بما يحقق مزيداً من الفاعلية وتحسين مستوى الأداء.

أيها الأخوة:

هكذا تلاحظون أن الدولة فد حققت الكثير من الإنجازات المفيدة ولله الحمد، وذلك خلال فترة زمنية قصيرة، وهي الفترة التي تقع بين لقائي بكم في العام الماضي ولقائي بكم اليوم، وهذا ما يؤكد الخطى الحثيثة التي انتهجناها لتقديم مزيد من الخدمات المتوجبة علينا لبلادنا ومواطنينا ولضيوفنا الذي يقيمون معنا على أرضنا، ومن الأشقاء والأصدقاء، الذين يسهمون معنا بجهودهم في دفع عجلة التنمية وتسريعها... وهي فرصة مواتية الآن لنرفع أكف الضراعة إلى الله حمداً له على ما وفقنا إليه، من خدمة لشعبنا، ولضيوف بلادنا، سواء منهم المقيمون معنا أو من يأتون كل عام لبيت الله الحرام حجاجاً ومعتمرين. وبهذه المناسبة أقول لكم أن جميع التقارير التي وصلتنا من الوزراء والمسئولين المعنيين بالقيام على راحة الحجاج كانت بفضل الله وتوفيقه تؤكد نجاح حج العام المنصرم، وتعكس مدى الراحة والطمأنينة التي لقيها الحجاج إثناء أداء مناسكهم وأثناء إقامتهم بيننا والاستعدادات الكبيرة التي حشدت من نختلف الجهات الحكومية لهذا الغرض.

أيها الأخوة:

وإن مما يشغل بال الحكومة على الدوام، الاستمرار في تحسين شبكة الطرق والنقل والاتصال، في الوسائل الفاعلة في ضمان ترابط المناطق النائية، وفئات المجتمع، وتنمية القرى والهجر كافة، لكي تحظى بقسطها في التنمية والتوطين والاستقرار والانتعاش، ولتنعم أنحاء البلاد كافة من الساحل الشرقي إلى الساحل الغربي ومن الشمال إلى الجنوب بالفرص التنموية المتساوية. كما نشدد على أهمية الماء وترشيد استخدامه وكما تعلمون فإن بعض البلدان المعروفة بالأنهار والأمطار الغزيرة قد أصبحت تعاني من نقص المياه فصار لزاماً علينا أن نراجع أوجه الاستهلاك الزراعي والصناعي والمنزلي وأن نعي حقيقة قيمة المياه – وأن موارده مكلفة وصعبة ونابضة وينبغي على كل أجهزة الدعوة والإعلام والتربية أن تنبه على واقعه وعواقبه وان تهتم بمواصلة الدعوة إلى الاقتصاد في استهلاكه وترشيده بمختلف الطرق.

أيها الأخوة:

إن واجبنا تجاه العالم الإسلامي لا يقف عند حد تقديم الخدمات والتسهيلات للمسلمين الوافدين إلى بلادنا، بل إنه يتعدى ذلك إلى الاهتمام الشديد بكل قضايا المسلمين وانشغالاتهم، وبكل التحديات التي تواجههم، فمواقف المملكة معروفة ومشهودة من قضايا المسلمين في كل مكان، وقد عبرنا دائماً عن تلك المواقف بما تستحقه من القوة والصرامة.

لقد استنكرتا دائماً ما يلاقيه شعب كوسوفا من اضطهادات مستمرة، ولقد شجبنا الاعتداءات السافرة التي كان يواجهها المسلمون في الشيشان، وما يتعرضون له من مآس شنيعة، وقد قدمت الدولة كما قدم مواطنونا في هذا البلد الطيب كل ما يستطيعون من مساعدات إنسانية من شأنها أن تخفف من معاناة إخوانهم في تلك الأقطار.

ولم تكن هموم عالمنا العربي بأقل أهمية عندنا بل إنها تأخذ من الاهتمام الأكبر الذي تستحقه، وأؤكد للجميع أن الزيارات التي قام بها عدد من الزعماء العرب إلى بلادنا، والزيارات التي قام بها صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني أو صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام في البلدان العربية أو على بعض القوى الدولية المؤثرة كان موضوعها الأساس هو هموم عالمنا العربي، وما يتعرض له من تحديات وإساءات وانتهاكات، ولا سيما من قبل إسرائيل التي ما فتئت تعمل كل ما في وسعها على تعطيل عملية السلام وعرقلتها، لتظل هذه المنطقة مقيمة فوق فوهة بركان متوقد من العداوات والخصومات والتوترات المهددة بكل أنواع الخطر.. ولقد كانت رسالتنا في هذا الأمر شديد الوضوح وهي أن إسرائيل بمماطلاتها وتسويفاتها وافتعالاتها هي المسئولة عن كل ما يحاك لمنطقتنا من مخاطر، فعلى إسرائيل، ومن بعدها الدول التي تمتلك فرص الضغط عليها، أن تعيد العربة إلى جادة الصواب، فتعمل بالفعل على الانصياع للمساعي الدولية المتمثلة في قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وعلى مرجعية مؤتمر مدريد، وما تلاه من لقاءات ومفاوضات واتفاقات.

إننا نؤكد هنا وقوف المملكة العربية السعودية إلى جانب الجمهورية العربية السورية لاستعادة كامل حقوقها، وفي طليعتها الانسحاب من الجولان العربية السورية المحتلة، وفي الوقت نفسه نهنئ الحكومة اللبنانية والشعب اللبناني الشقيق بانتهاء الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان وهذا الإنجاز ما كان ليتحقق لولا جهود المقاومة اللبنانية الباسلة.

أيها الأخوة

إن علاقتنا مع جيراننا في الخليج، وشركائنا في مجلس التعاون، تزداد ولله الحمد قوة ومتانة، وهذا بفضل من الله سبحانه وتعالى ثم بفضل إدراك من القادة الخليجين المختلفة لأهمية التفاهم والتعاون والتشاور والتنسيق بين دول هذا الجزء من العالم، لما له من حساسية استراتيجية واقتصادية، ولما يجمع بين شعوبه من أهداف قومية، ومصالح وطنية مشتركة ظاهرة. ولقد كانت تجربة مجلس التعاون وما تم إنجازه تحت مظلته من اتفاقيات ومشروعات خير دليل على ما يسود أجواءنا ولله الحمد من رغبة حقيقية في التفاهم والتعاون من جهة أما من الجهة الأخرى فإن الذي تحقق حتى الآن من خلال هذا المجلس يؤكد نجاح التجربة من حيث هي مشروع يهدف إلى خلق مزيد من التآلف والتأخير بين دول المنطقة مما يضاعف فرص التقدم والتوحد بين أبناء شعوبنا لمواجهة التحديات من ناحية ولمواكبة التطورات المتسارعة في هذا العالم من ناحية أخرى.

ولا يسعني هنا إلا أن أنوه بالخطوة المهمة التي تمت في العام الماضي بشأن التوقيع على خرائط لترسيم الحدود البرية بيننا وبين أشقائنا في دولة قطر، وتعيين خط الحدود في دوحة سلوى، وأشيد هنا بتضافر جهود البلدين، وعملهما الجاد لتحقيق ما تم تحقيقه.

أن علاقة المملكة العربية السعودية تنطلق في سياستها الخارجية، وفي علاقتها مع أشقائها وأصدقائها، من ثوابتها السياسية المعروفة. فهي تحرص دوماً على تفعيل تلك العلاقات، وعلى تنشيطها، فيما يعزز الأمن والسلم لهذا العام. وفيما يحقق المصلحة المؤكدة لمجتمعاته، لما يخدم العدل والسلام في ربوع المعمورة، وبخاصة في فلسطين ولبنان وسوريا، ولكل ما يحقق الأمن والاستقرار في العالم من خلال جهود الأمم المتحدة ومنظماتها.

كما تؤيد المملكة وتساند جهود الجامعة العربية في توحيد الصف العربي ومسيرة منظمة المؤتمر الإسلامي في جمع شمل الأمة الإسلامية.

أيها الأخوة:

أغتنم فرصة هذا اللقاء السنوي المتجدد لأشكر أمراء المناطق على جهودهم في إثراء تجربة مجالس المناطق وتعزيز مسيرة التنمية في كل منطقة ودفع عجلة النهضة بمواقفها لكي تسير بمحاذات جهودهم في المحافظة على الأمن والنظام السائدين في كل ربوع البلاد والحمد لله.

أيها الأخوة:

هذه هو مجمل ما أحببت أن تحدث فيه إليكم وكما تلاحظون فإن بلادكم ظلت وفيه لمبادئها وسياستها الثابتة فيما يتعلق بالشأن الخارجي، وهي ماضية ولله الحمد بخطى واثقة وحثيثة في إنجازاتها وطموحاتها فيما يتعلق بالشأن الداخلي. وفي الختام أدعو الله أن يحفظ علينا ديننا وأمتنا واستقرارنا وأن يأخذ بأيدينا لما يحب ويرضى، وأتمنى لكم مزيداً من التوفيق فيما أوكل إليكم من مسؤوليات، وفيما يحتمه عليكم واجبكم من العمل الصادق المخلص، ولايفوتني في هذه المناسبة أن أشكركم جميعاً وفي مقدمتكم معالي رئيس المجلس ونائبه والأمين العام لقاء كل ما تبذلونه في خدمة دينكم ودولتكم وبلادكم..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".

كلمة معالي رئيس مجلس الشورى فضيلة الشيخ محمد بن إبراهيم بن جبير:

"بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي وفق بلادنا لإتباع شريعة رب العالمين والبقاء عليها وآلهم قادتنا تطبيق أحكامها والاستمرار عليها.

والحمد لله الذي جعل لنا القرآن دستوراً والشورى منهجاً.

وأصلي وأسلم على الرحمة المهداة سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين.

خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز:

صاحب السمو الملكي الأمير/ عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني:

صاحب السمو الملكي الأمير/ سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام:

أصحاب السمو الملكي الأمراء:

أصحاب الفضيلة العلماء:

أصحاب المعالي الوزراء:

أيها الحضور الكرام:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

يستغرب كثير من المراقبين خارج البلاد عندما يعرفون أنها كانت رائدة في الأخذ بالشورى منذ تأسيسها.

وأن أول القرارات التنظيمية للملك عبدالعزيز – رحمه الله- هو تكوين مجلس أهلي للشورى، فمنذ أناح راحلته في بطحاء مكة شرفها الله ودخلها مخبتاً خاشعاً معتمراً متجرداً من كل ما يميزه عن بقية الناس.

وذلك يوم الثامن من شهر جمادى الأولى عام 1343هـ معلناً قرب اختتام برنامجه لجمع شتات أرجاء الجزيرة في دولة عربية إسلامية موحدة.

وملتفتاً إلى تنظيم المؤسسات الدينية التعليمية والإدارية والقضائية منذ ذلك التاريخ، أعلن – رحمه الله – من مكة المكرمة بأنه سيجعل الأمر شورى في البلاد وأن الأحكام لن تكون إلا وفق كتاب الله عز وجل وما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ما أجمع عليه علماء الشريعة وقد تم تشكيل أول مجلس أهلي شورى عام 1343هـ، وبعد أن مارس أعماله بمدة سنتين جرى تطويره وصدر أول نظام له عام 1346هـ، وأصبح اسمه مجلس الشورى:

"لقد أمرت ألا يسن نظام في البلاد ويجري العمل به قبل أن يعرض على مجلسكم وتنقحوه بمنتهى الحرية على الشكل الذي تكون منه الفائدة للبلاد". وقد استمر ذلك المجلس يؤدي عمله الذي كان الملك عبدالعزيز يأمله ويرجوه يلتقي بأعضائه كل عام يأخذ بقراراته حينما يجدها محققة لمصلحة البلاد والعباد.

وتحتفظ إدارة المكتبة والوثائق في المجلس بسجل كامل لما صدر عن مجلس الشورى منذ تكوينه من أنظمة أو قرارات في مختلف جوانب الحياة.

خادم الحرمين الشريفين:

في هذا اليوم الذي تفتتحون فيه أعمال مجلس الشورى في بدايته سنته الرابعة من دورته الثانية يكمل مجلس الشورى خمساً وسبعين سنة منذ صدور أول نظام له كما يكمل سبع سنوات منذ أن تفضلتم – رعاكم الله – بتحديثه وتطويره.

وفي هذه المناسبة يسعدني أن أوجز بعض إنجازات المجلس: فقد عقد المجلس منذ تأسيسه عام 1412هـ إحدى وخمسين دورة تتراوح الدورة بين سنة وسنتين وثلاث سنوات. وخلال تلك الفترة عقد (5963) جلسة. واتخذ (8583) قراراً وأصدر مائة وأربعة وسبعين نظاماً شملت الشؤون الدينية والقضائية والسياسية والأمنية والدفاعية والمالية والاجتماعية والبلدية والإدارية والتعليمية الثقافية والصحية والخدمة المدنية والمواصلات السلكية واللاسلكية والتجارية والزراعية والحيوانية وشؤون الحج والأوقاف. وشغل عضوية المجلس خلال تلك الفترة (85) عضواً.

إن مجلس الشورى خلال سنواته الأولى قد قام بكل جدارة بما أسند إليه من تنظيم لأجهزة الدولة خلال مرحلة التأسيس.

وأننا نسجل بكل إجلال وتقدير لاؤلئك الرواد إخلاصهم وإنجازاتهم وتفانيهم.

خادم الحرمين الشريفين:

لن نقول إن التاريخ يعيد نفسه لكن دورة الحياة مستمرة بإذن الله حتى أتى عهدكم الميمون يرسخ ما بدأه المؤسس ويحافظ على ما اختطه الموحد ويكمل ما سار عليه من أهداف ويؤكد على منهجه الثابت في تطبيق الشورى بحلة جديدة وتنظيم أحدث وأشمل يناسب تطورات العصر. ولئن أصبحتم – حفظكم الله – على خطى المؤسس – رحمه الله – تستقبلون المجلس كل عام تمنحونه الثقة وتؤيدونه بالتوجيه وتخصونه بالتأييد فإن لقاء اليوم له معنى خاص.

ذلك أن المجلس يكمل عامه الخامس والسبعين ويدخل في عامه الثامن من دورته الثانية بعد تحديثه وتطويره وهو أكثر اعتزازا بما أنجزه وفخراً بما بذله وأسداه في خدمة الأمة وسعادة بما حققه وغبطة بما يحظى به منكم من دعم.

وقبل الختام يطيب لي أن أوجز ما أنجزه المجلس خلال السبع سنوات الماضية فقد بلغ عدد الأنظمة واللوائح التي أصدرها المجلس أو أجرى تعديلات على بعض موادها سبعة وثمانين نظاماً ولائحة منها:

نظام الحياة الفطرية، ونظام المناطق المحمية، ونظام السجل التجاري، ونظام الصلح الواقي من الإفلاس، ونظام الأسماء التجارية، وتنظيم رؤية هلال أوائل الشهور، ونظام المؤسسات الصحفية، ونظام المجمع العلمي السعودي، ونظام استثمار المال الأجنبي، ونظام المطبوعات، ونظام التأمينات الاجتماعية، وبلغت الموضوعات التي درسها المجلس تسعة وعشرين موضوعاً منها موضوع الأمن المائي، وأوضاع الكهرباء، وإستراتيجية التنمية العمرانية في المملكة، وأوضاع العمالة وخطة التنمية السادسة، والسابعة وإستراتيجيتها.

وبلغت الاتفاقيات والعاهدات التي صادق عليها المجلس ثلاثة وسبعين اتفاقية.

وبلغ عدد تقارير الوزارات والمصالح الحكومية التي ناقشها المجلس وأبدى رأيه حيالها مائة وواحد وستين تقريراً.

وقد عقد المجلس خلال السنوات السبع الماضية (361) اجتماعاً وأصدر (322) قراراً.

وبلغت اجتماعات اللجان (1443) اجتماعاً.

وبلغت اجتماعات الهيئة العامة (110) اجتماعاً.

خادم الحرمين الشريفين:

ونحن نستذكر مسيرة المجلس خلال خمس وسبعين سنة منذ أن كانت نواة من غرس والدكم – رحمه الله – حتى وصلت إلى ما وصلت إليه في عهدكم الميمون.

الآن أختتم كلمتي بمثل ما بدأت بالحمد لله على فضله وتمكينه حتى تحقق ما تستمتع به بلادنا الغالية من التزام بشريعة الإسلام وأمن الأوطان وصحة في الأبدان ورغد في العيش وتنمية شاملة والشكر لمقامكم الكريم ولسمو ولي عهدكم الأمين ولسمو النائب الثاني على ما يتلقاه المجلس من مساندة وثقة.

والتقدير لزملائي أعضاء المجلس ولنائب الرئيس والأمين العام ولكل منسوبي المجلس.

أسأل الله العلي القدير أن يثبتنا بالقول الثابت وأن يرزقنا بالعمل الصالح الخالص لوجهه الكريم وأن يحفظ بلادنا خاصة وبلاد المسلمين عامة إنه ولي ذلك والقادر عليه.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".