مجلس الشورى عام 1361هـ

"بسم الله الرحمن الرحيم

حضرة المكرم نائب رئيس مجلس الشورى

بالإشارة إلى خطابكم رقم 182 وتاريخ 26/12/1360هـ، المشفوع به التقرير السنوي للمجلس عن أعماله خلال الدورة المنتهية بانتهاء عام 1360هـ.

نخبركم أننا قد عرضنا ما أشرتم إليه على أنظار جلالة الملك المعظم، وصدرت الإرادة السنية برقياً برقم 13051 وتاريخ 29/12/1360هـ، بإبلاغكم امتنان جلالته مما قام به المجلس من الأعمال المشكورة، وأن جلالته لثقته بالمجلس، يأمر بتجديد مدة عمله للدورة الجديدة التي تبتدئ من غرة المحرم 1361هـ، فيقتضي إحاطتكم علماً بذلك، وإبلاغ جميع أعضاء المجلس بمقتضاه وإننا نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد في جميع الأعمال".

وعلى إثر ذلك تقدم عضو المجلس أحمد الغزاوي، وألقى باسم المجلس الكلمة التالية، نصها:

"بسم الله الرحمن الرحيم

مولاي صاحب السمو الملكي:

في هذه المناسبة السعيدة – ونحن نحتفل الدورة الجديدة لمجلس الشورى – لا يسعنا إلا أن نتقدم إلى سموكم العالي بأعظم آيات الشكر على تفضلكم بهذا التشريف الذي يبعث في نفوسنا روح الغبطة والمسرة والفخر، والذي هو برهان محسوس على ما تضمرونه لهذه الأمة من حب، وإخلاص ورعاية وعناية، وما تغدقونه عليها من فضل وعطف وإحسان.

ومهما حاولنا الإعراب عن هذا الشكر في أحلى صوره، وأتم معانيه فلن نبلغ منه ما يؤدي واجب الثناء على ما حبانا ويحبونا به حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى من ثقة وتوجه والتفات وتشجيع. وحسبنا أن نعترف تجاه ذلك بالعجز والتقصير، وأن نلجأ إلى ما نستطيع من الدعاء الذي هو هجيرانا بطول بقاء جلالته ودوام توفيقه وتأييده.

يا صاحب السمو:

إن شعبكم المخلص المتفيء بظلالكم والمشمول بأياديكم والمتقلب في آلاء الله سبحانه وتعالى، ثم آلائكم لا يجهل ما تعانيه شعوب الأرض قاطبة من آثار الحرب وأهوالها وكلاكلها – ولم تزل أطياف الماضي البعيد – تثير فيه روح التعجب والإعجاب كلما قابل بين ما كابده خلال الحرب العظمى الماضية – من ضيق وشقه وبلاء وغلاء – وبين ما ينعم به في هذه الظروف العصيبة من رغد ورفاهية ودعة وأمن ورخاء.

فما تكاد الشمس تسطع في الأفق، أو تغرب صباح مساء إلا وله من مبرات صاحب الجلالة العامة الشاملة بما يطلق السنته بالدعاء، ويغمر قلوبه بالحب والإخلاص، والولاء.

وأية آية أدل وأروع على ذلك مما صمم عليه جلالة مولانا الملك أدام الله توفيقه من إرصاد نفقات حجة هذا العام لتوزع على الفقراء، والمحتاجين في هذا القطر السعيد المقدس. علاوة على إحسانه الدائم المتجدد على كافة أفراد الأمة المحتاجين يومياً.

أجل إن البلاد بأجمعها تتلقى هذا العطف وهذا البر والإحسان بشعور مزدوج تمتزج فيه عوامل الشكر، والدعاء بمظاهر الإذعان، والأمل والرجاء – فإنها على ما نالها منه ذلك – لا تجد فيه إلا ما يضاعف شجونها إليه، وتزيد أشواقها إلى طلعة جلالته المحبوبة – ولاتعتاض عن ذلك بأي ثمن، ولا تختار عليه كل امتنان.

مولاي:

إن مجلس الشورى الذي ما برح موضع الكرامة والثقة والرعاية والتعضيد من قبل جلالته، وسموكم ليعلم أنه ما كان ليحضى بشيء من ذلك لولا ما أنيط به من واجبات كبيرة في معالجة مصلحة البلاد وأهليها على وجه يتفق وما ترمون إليه من إنهاضها وإسعادها والأخذ بيدها إلى كل نجاح وفلاح وإننا حين نتعرض لذلك ليحملنا الشعور بالمسؤولية على أن نقرر حقيقة لا غبار عليها، وهي أن كل جهد بذله في هذه السبل هو دون ما تقصدون.

وبعبارة أوضح – هو صدى ما تشيعونه فينا من حث وحض على خدمة الشعب وترقية وسائل حياته في أوسع نطاق ممكن -، ومن الحق علينا أن ننوه بالجهود المضنية التي يختص بها سعادة نائب سموكم السيد صالح شطا في رئاسة المجلس وما تتطلبه من صبر ومثابرة واحتمال.

ولعلنا وقد ظفرنا بثقة جلالة الملك وتشجيع سموكم، نستطيع أن نجدد نشاطنا ونواصل سهرنا على بلوغ هذا الهدف في هدوء وطمأنينة وحسبنا أن نستوحي ذلك من نصائح جلالته المنقوشة في قلوبنا، والتي تجتمع كلها في النصيحة والصدق والإخلاص، وأن نستهدي مناقشاتنا بما ترسمونه من أساليب الحكمة، واستخلاص أفضل النتائج وأوفاها إلى الغرض المنشود.

وفي الختام – نضرع إلى الله جل وعلا – بقلوب منعمة – أن يحفظ جلالة مولانا الملك المصلح العظيم، وسمو ولي عهده المعظم، وسمو نائبه المحبوب، وكافة أنجاله الأمراء الميامين ملاذاً للدين، ومعقلاً للإسلام وكهفاً للعرب، وأن يطيل في عمره ويمد في حياته، وأن يوطد دعائم ملكه، وأن يجزيه عن أمته خير ما يجزى به راعياً عن رعيته، وأباً عن بنيه – إنه نعم المولى ونعم النصير".

بعد ذلك تفضل صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبد العزيز، بإلقاء كلمة الافتتاح نيابة عن صاحب الجلالة المفدى، ونصها:

"بسم الله الرحمن الرحيم

نحمد الله سبحانه وتعالى أن وفقنا لما يرضي وجهه الكريم.

لقد ورد في كلمة المجلس:"المهمة الملقاة على عاتقه" إن هذه المهمة التي على عاتق المجلس ليست بمهمة بسيطة، ولكن ولله الحمد نحن الآن نلتمس جريان المجلس، وسيره في الأعمال بكل نشاط وكل إخلاص.

وهذه حقيقة ليست مجرد كلام أقوله أمام أعضاء المجلس، وإنما هي مصداق لما يسمع على السنة الأمة من الأعمال التي تراها صادرة منه، والإنسان مهما بلغ من الإخلاص لا يمكنه أن ينهض بالواجب كله، وهذه حالة ابن آدم، هو دائما محل القصور. وإنما إذا ارتكزت الجهود على الإخلاص، وحسن النية، فالتوفيق بيد الله تعالى.

نعم، إن البلاد والأمة تتطلب عملاً أكثر، وهذا أمر لا ينكر، ولكن كما قيل الطفرة محال، وإدعاء الإنسان أنه يعمل كل شيء بأسرع وقت، أو أقصر مدة فهذا مستحيل، والرسول صلى الله عليه وسلم ما بلَغ كل شيء في يوم واحد وهو أفضل المخلوقات، ولكنه صلى الله عليه وسلم أدى الرسالة وحفظ الأمانة، وقام بأعباء ما أمر بالقيام به بأمانة وإخلاص.

نحن كلنا مشتركون في المسؤولية، فالمجلس عليه مسؤولية، والحكومة عليها مسؤولية، والأمة عليها مسؤولية، فلا يوجد من هو خارج عن نطاق المسؤلية. فإذا تضافرت الجهود وتآزرت الأمة، والمجلس، والحكومة، فإننا نصل إلى الهدف المنشود بإذن الله تعالى.

وإننا إذا نظرنا إلى حالة غيرنا في هذه الظروف وجب علينا أن نسجد شكراً لله تعالى، والشكر ليس مجرد قول نقوله، بل لابد من إخلاص ونية.

إن الشكر الحقيقي هو ما اقترن فيه القول والعمل، والعمل هو أيضاً من نعم الله، ومن فينا نحن بني آدم يقدر أن يعمل شيئاً بغير إرادة الله تعالى. إذن فلكل نعمة وكل رخاء وطمأنينة نلاقيها إلى من أولانا إياهما ونحمد الله إذ لا يوجد إنسان في هذه البلاد إلا وهو معترف بفضل الله تعالى مقر بنعمته، فيجب علينا أولا شكر النعمة، وثانياً الإخلاص لله في عبادته وفي طاعته، وثالثاً أن نكون مجتهدين في أعمالنا، ومنتبهين لأداء واجباتنا، وما علينا فيما أمرنا الله به فهو أمانة في رقابنا، وكل إنسان محاسب بضميره، وهناك أمة تحاسب، وبعد هذا يأتي حساب الرب الذي هو أشد تدقيقاً وأشد تشديداً، فالسعيد من خرج من هذه الدنيا وهو مزود برأس مال يلاقي به رب يوم الحساب، وإنا نستعيذ بالله من إهمال هذه الأساسات.

نسأل الله أن يوفقنا جميعاً لما يرضيه، وأن يأخذ بنواصينا إلى العمل الرشيد، ويجعلنا ممن أنعم عليهم بالتوفيق في دينهم ودنياهم.

والآن باسم الله ثم نيابة عن صاحب الجلالة الملك المعظم – أفتتح أول جلسة لمجلسكم الموقر في دورته الجديدة – وأسأل الله أن يجعلها فاتحة خير وسرور وعز للإسلام والمسلمين – آمين".