مجلس الشورى عام 1353هـ

"بسم الله الرحمن الرحيم

من عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل

إلى جناب المكرم نائب رئيس مجلس الشورى                                   سلمه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....وبعد:

فقد تلقينا كتابكم رقم 2 وتاريخ 5/1/1353هـ، المحتوي على خلاصة ما قام به المجلس المحترم من الأعمال خلال دورته الأخيرة. ولقد كانت تلك الأعمال موجبة لتقديرنا، وداعية لسرورنا، وإنه بالنظر لما تحقق لدينا من كفاءة رجال المجلس، وحرصهم على المصالح العامة، ولما نعلمه من المكانة العالية لهم بين مواطنيهم.

أمرنا ببقاء الأعضاء، وتمديد مدتهم دورة ثانية لمدة سنتين، على أن يسيروا في أعمالهم طبقاً للنظام المسنون لهم في السابق، وأن يجري انتخاب النائب الثاني للمجلس بالاقتراع السري بين الأعضاء.

ونسأل الله أن يوفقكم جميعاً لما فيه الخير للبلاد والعباد. والسلام".

ثم تقدم عضو وسكرتير المجلس أحمد الغزاوي، وألقى كلمة المجلس التالية:

"يا صاحب الجلالة:

ليس في إمكاننا وقد تفضلتم بهذه الزيارة الملكية لمجلس الشورى أن نقدم من الشكر إلا ما هو أقصى المستطاع، لكنه في صحيحة وحقيقته شكر عملي يحرص عليه المجلس في مهمته العامة، ويبدو ساطعاً في خدمته الخالصة لوجه الله تعالى، ثم لعرش جلالتكم المفدى، ولهذه البلاد المطهرة وأهلها المخلصين.

لقد عودتم الشعب بكل أسباب العطف، ووسائل العناية والالتفاف وأحسنتم إليه بما لا يحيط به القول من أياد لم تزل تتوالى فتغمر جوانب القلوب وحبات الأفئدة. وكلنا نعلم أن هذه النوايا الجميلة التي انطوى عليها قلب جلالتكم الطاهر، والمقاصد العالية التي تجلت في مظاهر حكمكم العادل، قد تظاهرت من أجلها عليكم نعمة الله ظاهرة وباطنة ، وكان من أثرها المشهود ما طبق ذكره الخافقين، وكان أعجوبة هذا العصر وحديث الأجيال المقبلة فبحمد الله تعالى ما برحتم تستقبلون من وجوه الخير والنصر والظفر ما وعد الله به عباده المتقين فجزاكم الله عن الرعية أفضل ما جازى به والياً عادلاً عن أمته، وضاعف لكم المثوبة والأفضال، وأدام توفيقكم حتى تتحقق آمالكم العالية، وغاياتكم الشريفة لصالح هذا الشعب المجيد.

إن عموم أعضاء المجلس ليشكرون لجلالتكم ما تفضلتم به من إصدار الإرادة الملوكية بتجديد مدتهم، ويقدرون هذا العطف والالتفات العالي ونسأله جل شأنه أن يديم بجلالتكم عز العرب والإسلام، وأن يأخذ بيدكم إلى كل ما فيه خير البلاد والعباد.

يا صاحب الجلالة:

إن المجلس مهما بذل من مجهود، وواصل من سعي فإنه لمقر بالعجز ويرى نفسه مقصراً دون الغاية، غير أنه سيحرص كل الحرص إن شاء الله تعالى على ترسم خطى جلالتكم في كل ما يعود بالصالح العام، وشفيعه على كل حال حسن القصد، وخلوص النية، وهو معتمد بعون الله تعالى على تعضيد جلالتكم في جميع أحواله، وأعماله، وعلى الله توكلنا وهو حسبنا ونعم الوكيل".

بعد ذلك تكلم جلالة الملك المفدى فألقى على المجلس نصائح ثمينه، وأفاض بيانات ضافية في فضائل القيام بالواجب، حيث قال موجهاً حديثه لأعضاء المجلس:

"ثقتنا بالله ثم بكم عظيمة، وقد رأينا منكم سعياً محموداً في سبيل الواجب خلال الدورة الماضية، وهذا ما حملنا على تمديد دورة المجلس. ونحن على يقين أنكم ستقومون خلال هذه الدورة أيضاً بالواجب الملقى على عاتقكم حق القيام، وأنكم لا تدخرون جهداً في أداء الأمانة التي في أعناقكم بإخلاص ونشاط.

ولا نكران في أن على مجلسكم هذا أعمالاً كثيرة تتعلق بالمصالح العامة، وتحقيقها منوط بجدكم واجتهادكم.

والإنسان مهما سما مقامه فهو معرض للخطأ. ولكن الواجب يقضي عليه بالجد والاجتهاد، وقد قيل لكل مجتهد نصيب، فعليكم السعي المتواصل، والتوفيق من الله سبحانه وتعالى، وقد قال جل شأنه:( وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ).

فإذا عمل الإنسان جهد طاقته في سبيل القيام بالواجب شعر براحة تامة. ولا يكون سعي الإنسان منتجاً، إلا إذا كانت هناك نية صالحة، وأناة في العمل.

وثقوا أنكم إذا سرتم على هذا الطريق كان التوفيق حليفكم.

وفقنا الله واياكم لصالح الأعمال".